قضي الأمر، وما عاد شيء يحول دون الإنفصال عن وحيد خليلودزيتش، وقد اجتمعت الأدلة والقرائن وحتى الوقائع أن الإبقاء على الإرتباط هو الجنون والحمق بعينه.
كانت المؤشرات والدلائل والتلميحات قبل التصريحات، تدل على أن جفاء ما حصل بين وحيد خليلودزيتش وبين الجامعة التي تعتبر قانونا الجهة المتعاقدة معه، فمنذ أن عاد الرجل من إجازته الأولى خلال شهر رمضان، وعاد لإجازة ثانية خلال عيد الأضحى، أمسك لسانه واختفى في جحره وما عدنا نسمع له حسيسا ولا حركة، حتى المواعيد الكروية الكبيرة التي كان المغرب مسرحا لها، والتي كان يجب أن يحضرها بوصفه مدربا وناخبا وطنيا، تغيب عنها بسبق إصرار وتخف عن عيون المغاربة التي ما عادت تراه لائقا بفريقها الوطني.
قبل محاكمة وحيد خليلودزيتش على زلات لسانه، على عناده وجبروته ومعاكسته بمنتهى الصلافة للتيار، إلى الحد الذي تجرأ فيه على الإساءة لمشغله المباشر بالهمز واللمز، كنا نحن ومعنا خبراء كرة القدم الوطنية، قد شرحنا وحللنا جوهر عمله التقني والتكتيكي وما أنجزه على مدى سنتي الإقامة والإشراف على العارضة التقنية لأسود الأطلس، فما وجدناه تقدم ولا خطوة على درب إحلال هوية لعب تتطابق مع ممكنات الفريق الوطني، صحيح أن الرجل كان يفوز، وكان يحقق في الغالب الأهداف المنصوص عليه في عقده، باستثناء الخروج من الدور ربع النهائي لكأس أفريقيا للأمم بالكاميرون أمام مصر، إلا أنه كان أبعد ما يكون عن إعطاء أسلوب لعب منتخبنا الوطني شكله الحداثي، وهو ما أسهم في إضعاف قدراتنا الجماعية.
وطبعا عندما نوقن اليقين التام، أن الفريق الوطني لا يمكنه بهكذا تدبير تقني وتكتيكي، وبهكذا أسلوب لعب، أن يكون في مستوى الآمال المعقودة عليه في كأس العالم بقطر، عندما نتأكد من أن الرجل جمد عقارب فكره واستوحش أكثر في تدبير علاقاته الإنسانية مع لاعبيه ومن تم مع محيطه، فلا حاجة للمكابرة أو العناد، إذ سيكون أفضل بكثير لفريقنا الوطني أن يحضر المونديال من دونه على أن يحضر معه.
فلماذا أطلنا التفكير قبل الوصول للقرار الكبير؟
من لا يعرف القدسية التي يتمتع بها الفريق الوطني، والتي تجعل شأنه عالي القيمة، فلا يقبل أبدا بالقرارات المزاجية التي لا تطبخ على نار هادئة، لا يستطيع أن يفهم لماذا أمضت الجامعة كل هذا الوقت في تقليب الأمر من كل أوجهه؟ لماذا تأخرت في الإنفصال عن وحيد خليلودزيتش؟
ومع توصل الجامعة إلى صيغة لإنهاء العلاقة مع وحيد بما يضمن للرجل كرامته، وبما يتطابق مع التقاليد الرياضية المغربية، بخاصة عندما يتعلق الأمر بإنهاء عمل أي ناخب وطني، فإن المائة يوم التي تفصلنا عن انطلاق منافسات كأس العالم، حيث سيكون لقاؤنا الأول أمام المنتخب الكرواتي وصيف بطل العالم، تفرض مقاربة بعينها لإحلال بديل لوحيد، مقاربة تقول أن أسلم سبيل، هو اختيار مدرب عارف بخبايا الفريق الوطني، بمحيطه وأجوائه ومتمتع بكاريزما عالية لإعادة الهدوء والسكينة لمستودع الملابس، مدرب إن سألناه استعادة السعادة المفقودة وإعادة لحمة الفريق الوطني على الأقل ليكون سعيدا في موندياله، لا نسأله أشياء لا يقدر عليها بمنطق الإشتغال، كأن نقول له بأننا لن نقبل في المونديال القادم بغير العبور إلى الدور الثاني.