إن تصورنا أن مباراة السوبر الإفريقي التي ستكون الرباط عاصمة الأنوار قبلة لها يوم السبت القادم، في سابقة تاريخية لكرة القدم الوطنية قاريا، إن تصورنا أو اعتقدنا جازمين، أنها ستأتي جذابة ومثيرة وذات مضمون فني وتكتيكي غني، كنا في حقيقة الأمر، إما مبالغين أو مجازفين، لأن ما يظهر أمامنا من معطلات وعوارض فنية وبشرية، يقول بأن السوبر الأفريقي ذي النكهة المغربية الخالصة، سيكون سجالا كرويا لا تنقصه الإرادة والطموح والسعي الحثيث من لاعبي الوداد والنهضة البركانية لتحقيق ثلاثية تاريخية، ولكنه أبدا لن يطلع علينا بالجودة الفنية التي تحول بيننا وبينها أشياء كثيرة.
في مقدمة هذه الأشياء أننا في بداية الموسم الكروي، حيث يكون الأداء الجماعي مفتقرا للإبداع الذي يلهم، وعندما نعرف أن الفريقين معا أنهيا الموسم الماضي قبل أربعين يوما فقط، باعتبار أنهما لعبا معا نهائي كاس العرش، ندرك بالفعل صعوبة أن يكون اللاعبون المحتفظ بهم في خانة الفريقين، قد استعادوا الطراوة البدنية أو أنهم أخذوا ما يكفيهم من وقت لتعبئة المخزون البدني.
ثاني الأشياء، أن الوداد الرياضي والنهضة البركانية برغم موسمهما الخرافي، إلا أنهما انفصلا معا عن مدربيهما، فوليد الركراكي ذاهب ليتقمص دور الناخب الوطني مع أسود الأطلس، والكونغولي فلورن إيبينغي حلق صوب السودان ليلتحم بضوء هلال الخرطوم، وطبعا عند مجيء ربانين جديدين (عموتا وبن شيخة)، تتغير الكثير من التوابل المرتبطة أساس بالمنظور وبالقناعات وحتى بفلسفة العمل، ومع كل تغيير على مستوى العارضة التقنية، تكون هناك حاجة لبعض الوقت لتطويع الفريق ودمجه مع الرؤية التقنية الجديدة.
وثالث الأشياء، أن الوداد والنهضة البركانية يعيشان على إيقاع متغيرات بشرية متفاوتة في الحجم والتأثير، ولو كان هناك انسجام مبحوث عنه من عموتا وبن شيخة، فإنه لن يتحقق إلا بتوالي المباريات الرسمية التي هي الكشاف الحقيقي لجوهر وقيمة العمل التقني.
أما رابع الأشياء فهي أن المدربين معا يعرفان حق المعرفة أن مثل هذه المباريات تربح ولا تلعب، طبعا بالمعنى المجازي، الذي يقول أن مثل هذه المباريات التي لا تحتمل التعويض، غالبا ما تكون مشنوقة تكتيكيا، فلا أحد من المدربين يريد المجازفة باللعب بظهر عار، إذ يكون الحرص كبيرا على تضييق المساحات وتقوية العمق الدفاعي وعدم اللعب بالتكتيك المكشوف، لذلك فإن السوبر عندما يأتي في هكذا سياق، فإنه يتأثر سلبا بكل هذه العلامات التقنية والتكتيكية التي تحدثت عنها، وإن هو تجاوزها أو حجم مفعولها، فسيكون ذلك مرتبطا أولا بالطموح الكبير الذي يتقاسمه كل اللاعبين من أجل أن يتوجوا بهذا اللقب الفخري، وثانيا بالمفعول السحري للجماهير المساندة للفريقين معا، والذي يفسر عادة بتجاوز اللاعبين لكل الهواجس البدنية والتقنية التي عرضت لها.
وبصرف النظر إن كانت مباراة السوبر التاريخية ستأتينا جميلة وجذابة ومفتوحة، أم أنها ستأتي مشنوقة تكتيكيا، فإن المنتظر أن تكون مدرجات المجمع الأميري بالرباط عاصمة الأنوار، مسرحا لاحتفالية كبيرة تعزز يقين جماهير كرة القدم الإفريقية، من أن الريادة المغربية للكرة الإفريقية هي من صنيع أندية ولاعبين ومدربين، ولكنها أيضا من صنيع جماهير تقدر جيدا قيمة الإحتفال في مسارح كرة القدم، لذلك أملنا كبير أن تتبارى جماهير الوداد والنهضة البركانية في رسم اللوحات الكالغرافية والتيفوهات المبدعة، تباريها في تصدير صورة جميلة عن كرة قدم مغربية أنيقة وجذابة وحامية للقيم الجمالية ورافضة لكل أشكال الشغب..
في النهاية هو سوبر إفريقي، سيتوشح بوشاح مغربي خالص، فإما أن يكون أحمرا بلون الحب أو برتقاليا بلون الطيف، وفي الحالتين معا نحن الفائزون.