لم يكن هناك من شيء يدعو وليد الركراكي للمجازفة أو الإبتعاد عما كان يراه على مستوى التشكيل متطابقا مع ظروف وحيثيات مباراة الإفتتاح، ومع خصوصية المنافس الكرواتي الذي تلقى إسوة بالمنتخبات الكبيرة المرشحة للمنافسة على لقب كأس العالم، تحذيرا شديد اللهجة والمنتخب الأرجنتيني يسقط أمام المنتخب السعودي في مباراة هي واحدة من غرائب المونديال.

لم يكن هناك من داع والفريق الوطني يواجه منتخبا وصيفا لبطل العالم، ومالكا لأحد أجمل خطوط الوسط فوق الكرة الأرضية، لكي يغامر أو يبتدع شكلا مختلفا للفريق الوطني، لذلك وجدنا وليد وهو يطمئن على جاهزية سليم أملاح، يدخل مباراة كرواتيا بنفس التشكيل الذي لعب به أول مباراة له كناخب وطني، وتذكرونها جيدا، أمام منتخب الشيلي في الودية التي لعبها الأسود أمام الشيلي، فقد كانت هناك حاجة لأن يكون ثالوث الوسط المشكل من أمرابط، أوناحي وأملاح في تناسق وانسجام بل وتحضير كبير لمعاكسة الثالوث الكرواتي المشكل من مودريتش، بروزوفيتش وكوفاسيتش، لإقفال الممرات وأيضا لحجب الرؤية عن ثلاثة مبدعين يجيدون إحياء الكرات الميتة بلمسات سحرية.

غير هذا كان على الفريق الوطني ألا يعطي الإنطباع بأنه يلعب ببلوك منخفض، أن يكون منظما في الحلات الدفاعية وناجعا في البناءات الهجومية، وسنجد أن ذات التحفظ الدفاعي الذي كان عليه الفريق الوطني وهو يدقق في عدم الإكثار من الكرات الضائعة ومن الزوائد المكلفة، حضر عند المنتخب الكرواتي الذي لم يبدأ من بداية المباراة ضاغطا، لأنه كان يدرك جيدا أن الضغط المكثف من البداية سيكلفه بدنيا، ولربما قد يوقعه في شرك المرتدات، وهو العارف بالسرعة التي يمكلها الظهيران حكيمي ومزراوي المؤطرانوالمسنودان في سفرهما عبر الأورقة من زياش وبوفال.

بالطبع لا أحد من المنتخبين، وبخاصة المنتخب الكرواتي، كان يقبل بالخروج من المباراة صفر اليدين، كما أن لا أحد من المنتخبين بالغ في الواجبات الدفاعية، بدليل أن المنتخبين المغربي والكرواتي نفذا 7 عمليات هجومية مباشرة لكل منهما، وكما برع ياسين بونو في الدفاع عن مرماه، فعل أبضا الحارس الكرواتي ليفاكوفيتش عندما تصدى لكرات كل من أشرف حكيمي، يوسف النصيريونصير مزراوي.

وعندما أيقن المنتخبان معا أن النقطة في هذه المباراة لن تكون سيئة، لطالما أنها تبقى الأبواب مشرعة أمام حلم العبور للدور الثاني، بخاصة للمنتخب المغربي، فإن وليدالركراكي وداليتش المدرب الكرواتي، فرضا نوعا من الإنضباط في تدبير الثلث الأخير من زمن المباراة، فإن كانت هناك رغبة لخطف هدف يقتل المباراة، فإن ذلك لا يمكن أن يكون على حساب الصرامة الدفاعية، لذلك ما نجح المنتخب الكرواتي في كسر التنظيم الدفاعي الجيد للفريق الوطني، وما استطاع الفريق الوطني التواجد بكثافة عددية في المرتدات الهجومية.

يقينا أن النقطة التي تحصل عليها الفريق الوطني أمام كرواتيا، تبدو غالية وثمينة بالنظر لطبيعة المنافس وبالنظر أيضا لطبيعة المباراة نفسها، وهي نقطة يجب أن نتفاءل بها لأنها كلما حضرت في افتتاحيات الأسود في كأس العالم، إلا وكان الفريق الوطني متأهلا للدور الثاني كما حدث في مونديال المكسيك 1986، أو على وشك التأهل كما كان الأمر في مونديال فرنسا 1998.

نقطة ملتقطة من فم السبع، بأداء رجولي، الجانب الدفاعي كان فيه جميلا (باسثناء بعض الأخطاء في التمرير التي كادت أن تكون مكلفة) والجانب الهجومي كان الأقل توهجا للأسباب التي ذكرت والتي تبطل كل عجب، لذلك يجب أن نستثمر النقطة عند تدبيرنا لمباراة يوم الأحد أمام المنتخب البلجيكي، ولو أن هذه المباراة أيضا ستضعنا مجددا أمام خط وسط رهيب مشكل من كيفن دي بروين وفيتسيلوتيلمانس. 

بالتوفيق لفريقنا الوطني، فالنقطة الكرواتية ستجعله أكثر ثقة بقلب الموازين داخل مجموعة الموت.