ما الذي كنا ننتظر من الفريق الوطني في مباراته أمام الشياطين الحمر؟

أن يطردوهم من البيت وقد فعلوا، أن يغتنموا رياحهم بأجمل صورة وقد فعلوا، أن يكتبوا لنا أمام العالم كله ملحمة كروية جديدة وقد كتبوها، أن يظهروا المعدن الحقيقي للمغاربة وقد أظهروا بالفعل على أن المستحيل لم يكن يوما مغربيا، ولن يكون أبدا هذا المستحيل مغربيا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها..

قلنا بعد مباراة كرواتيا، أن النقطة المحصل عليها، لن تكون ذات قيمة، إلا إذا استثمرناها بشكل ذكي في مباراة بلجيكا، برغم القيمة الفنية التي يتمتع بها المنتخب البلجيكي، وقد فكر وليد في ذلك، فاستقر على نفس التشكيل الذي واجه به كرواتيا، بل واستهل المباراة بذات الإستراتيجية، أن يطبق ذات المنظومة الدفاعية، ولكن أن يكون هذه المرة أكثر جرأة هجوميا، وقد ساعده على ذلك أن الفريق الطبي للفريق الوطني نجح في تأهيل الظهيرين الرائعين أشرف حكيمي ونصير مزراوي.

وإذا كان وليد قد فكر أولا في تثبيت المنظومة الدفاعية، وبعدها في دفع عناصر الوسط إلى تنصيب جسور للإمداد، فإن الإسباني روبيرطو مارتينيز مدرب المنتخب البلجيكي الذي كان يدرك جيدا خطورة الفريق الوطني، عدل عن شاكلته التقليدية، بأن تخلى عن 3-5-2، ليستقر على شاكلة 4-2-3-1، ليس هذا فقط بل إنه وجه لاعبيه لتطبيق الضغط العالي للحيلولة دون إخراج الكرة من مناطقه سليمة.

وبفضل ذلك نجح المنتخب البلجيكي في الإستحواذ وفي الضغط الحالي، برغم أن ذلك لم ينتج فرصا واضحة للتسجيل، وسرعان ما تلاشت هذه الهيمنة، والفريق الوطني يدفع بالخط البلجيكي المتقدم، حيث كانت الجهة اليمنى المشكلة من حكيمي وزياش هي شرفتنا التي نطل بها على العملاق تيبو كورتوا، وكان بالإمكان أن يخرج الأسود متقدمين في الجولة الأولى بهدف زياش، لولا أن الحكم المكسيكي ألغى الهدف بحجة وجود تسلل على العميد غانم سايس، وتلك كانت إشارة التنبيه الأولى.

ولما أحس وليد بأن المنسوب البدني لمفاتيح اللعب البلجيكي قد بدأ ينفذ، نتيجة لما نسميه بالإستحواذالسلبي، فقد وجه لاعبيه إلى التحرك قليلا للمناوشة، فقد بدا والفريق الوطني يتحسن هجوميا في الجولة الثانية أن الضربة القاضية ممكنة.

ولأن وليد الركراكي ربح حتى الآن نزاله التكتيكي مع روبيرطو مارتنيز، فإنه سيضيف لذلك شيئا آخر، عندما نجحت تبديلاته في تغيير وجه المباراة، حيث نجح عبد الحمدي صابيري مع دخوله بمعية عبد الرزاق حمد الله في حدود الدقيقة 70 من هزم العملاق تيبو كروتوا، ولما شرع البلاجكة في لعب الكل للكل، سيشرع فريقنا الوطني في تصميم المرتدات القاتلة، ومن إحداها الكرة تصل للرائع حكيم زياش الذي ناور داخل الصندوق ووضع الكرة أمام البديل الآخر زكرياء أبو خلال الذي لف بورقة التوت هذا الفوز التاريخي بتوقيعه للهدف الثاني، ليحقق الفريق الوطني فوزه الثالث في تاريخ مشاركاته بالمونديال، الفوز الذي صعد به لصدارة المجموعة السادسة، وبات فقي كل الأحوال على بعد نقطة واحدة من تكرار إنجاز تاريخي جديد، إنجاز العبور للدور الثاني الذي انتظرناه منذ 36 سنة.

بالقطع ما زال هناك ما يجب أن نشتغل عليه، لكن دعونا نفرح اليوم بإنجازنا الكبير، وغدا يحن الله.