إلى المؤتمر الوطني العادي للجمعية المغربية للصحافة الرياضية، التي شرفني القدر وزملائي لأحمل أمانة قيادتها منذ سنة 2009، خلفا لزميلي الأستاذ نجيب السالمي، ذهبت متأبطا قرارا بالترجل عن المنصب الذي ما اعتبرته يوما تكليفا، بقدر ما حسبته تشريفا يقتضي ما يقتضي من حكمة في تدبير مؤسسة عريقة، فقد كان بودي أن أسلم المشعل لزميل آخر يواصل المسير، لولا أنني واجهت قبل وخلال المؤتمر، والمنصب على أهميته واستراتيجيته وعمقه المهني قبل التاريخي، ليس له أي مرشح، مقاومة شديدة من الزملاء المؤتمرين، لكي أواصل تقلد هذه المهمة الثقيلة، في ظرفية أعتبرها استثنائية ومفصلية في التاريخ الحديث للصحافة الرياضية الوطنية.
وما كان لي وقد تربيت في كنف الجمعية المغربية للصحافة الرياضية على قيم الإرتباط والوفاء وتحمل مسؤولية الحفاظ على الإرث، وجبلت على أن أقدر رغبة الزملاء، بأن أنصاع لإرادتهم، وأواصل قيادة الجمعية متأملا أن تكون الولاية الجديدة سديدة ورشيدة ومحققة للإنتظارات، انتظارات الجيل الحالي والجيل المستقبلي.
ومما جاء في كلمتي أمام المؤتمر الوطني، من محددات كبرى لطبيعة الزمن الرياضي الذي نحن بصدده، والذي يورثنا مسؤوليات كبيرة كإعلام رياضي ملتزم ومواطن:
«تغمرني إسوة بكل زملائي أعضاء المكتب التنفيذي وكافة مكونات الجسم الإعلامي الرياضي الوطني، سعادة غامرة ونحن نسعد بتشريفكم لنا في هذه المحطة المهمة من المحطات التاريخية لجمعيتنا العتيدة، والتي قدر لها أن تكون في مستهل سنة 2023 جعلها الله طالع يمن وسعد وخير وبركة، بعد أن ودعنا سنة 2022 وقد كان خلالها مغربنا على موعد مع حلقات موصولة من الإحتفال بإنجازات وملاحم رياضية صاغها أسود وأبطال هذا الوطن، نحن لهم جميعا شاكرون وممتنون، وعلى استدامتها مسؤولون، كعائلة رياضية وطنية تعيش تحت سقف واحد بحلم واحد ورهان واحد هو تشريف المغرب في كل المحافل الرياضية الدولية والعربية والقارية، وما ذلك بعزيز علينا جميعا..
وإذا كنا نكبر عاليا ونثمن كل الإنجازات الرياضية التي تحققت خلال السنة المنقضية، لمنتخباتنا وأنديتنا وأبطالنا، فإننا نقف بكل اعتزاز عند الحدث التاريخي المتمثل في وصول المنتخب المغربي لكرة القدم للدور نصف النهائي لكأس العالم، كأول منتخب إفريقي وعربي يعبر نحو مربع الأقوياء في العالم، دليلا على النبوغ المغربي أولا وعلى قوة الإرادة والثقة في القدرات ثانيا وعلى أن هناك مسلكا واحدا لتحقيق النجاح، هو مسلك العمل القاعدي، المهيكل والإحترافي.
ولأن الإعلام كان على الدوام شريكا بل وجناحا قويا للرياضة، من دونه لا تستطيع أن تحلق في فضاء النجاح، فإننا داخل الجمعية المغربية للصحافة الرياضية نهنئ أنفسنا بالأداء المهني الملتزم والجاد الذي واكب ملحمة منتخبنا الوطني في كأس العالم 2022، بقطر، بل وكان الوقود المحرك لحلمنا الجماعي، وأنا هنا لا أتستر على ما شاب هذا الأداء من اختلالات نعرف لها جميعا مصدرا وجحرا، إلا أنني أنظر لتلك الخروقات على أنها ممارسات معزولة، لا يمكن التعامل معها بالقولة المأثورة، كم من حاجة قضيناها بتركها، بل إنها ستكون إن شاء الله موضوع بحث عميق لتفادي حدوثها وتكرارها في القادم من مواكبات إعلامية للتظاهرات الرياضية الكبرى.
تصل الجمعية المغربية للصحافة الرياضية بعمقها التاريخي وبمرجعياتها المهنية وحمولاتها القيمية، إلى واحدة من محطاتها التاريخية، إلى مؤتمرها الوطني الذي شكل منذ سنة التأسيس عام 1971 محطة بارزة لرسم معالم الطريق لإعلامنا الرياضي الوطني في حفاظه على الثوابت المهنية التي ترسخها مؤسساتنا الوصية على الإعلام وفي انتصاره للقيم المهنية والأخلاقية وفي تشبعه الكامل بروح المواطنة، ونحن كسيدات ورجال الإعلام منشغلون بحاضر ومستقبل المهنة في ظل المتغيرات الكبرى التي تعرفها صناعة الإعلام، والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تمس جوهر وفلسفة وكنه الإعلام، ولا أن تبخس نضالات الرواد والسلف من أجل إضفاء النبل والشموخ والتفرد على مهنة الصحافة.
وفي اختيارنا لمؤتمرنا الوطني هذا شعار «تكريس المهنية، قاعدة لصحافة رياضية مواطنة»، ما يبرز انشغالنا جميعا بالوضع الحالي الذي يوجد عليه الإعلام الرياضي، الملتصق التصاقا كبيرا بالرياضة باعتبارها أحد أكبر مفاصل تنمية وإشعاع المغرب، الإنشغال الذي يقول بوجوب إطلاق ورش هيكلة وتأطير الصحافة الرياضية بمختلف شعبها وأجناسها، ومصادرة الشتات ومناهضة كل أشكال التمييع والرداءة والإنتصار للمهنية والإستقلالية.
إن الجمعية المغربية للصحافة الرياضية، تنظر للمرحلة الراهنة، على أنها مرحلة فاصلة بل ومفصلية، مرحلة تحتاج من كل القامات الصحفية ومن كل المؤسسات الرياضية والإعلامية الحاضنة، إلى الإنخراط في مشروع التقويم والهيكلة والرسكلة لتأطير جيل الإعلاميين الشباب الذين يقبلون بكثافة على الصحافة الرياضية، وللحيلولة دون مزيد من الشرخ والإنعزالية، والجمعية على ثقة من أن هذه الرهانات جميعها، هي رافعات العمل الهيكلي والتقويمي الذي تؤمن به مؤسساتنا الوطنية، من قطاع للرياضة إلى مجلس وطني للصحافة إلى فيدرالية مغربية للصحافة الوطنية إلى فيدرالية لناشري الصحف، لذلك فإن أي إستراتيجية وطنية للإرتقاء بالأداء المهني للصحافة الرياضية، لابد وأن تكون لها كل هذه المؤسسات مع المعاهد الوطنية المتخصصة في تكوين الصحفيين حاضنا وموجها.  
لا هي شكوى ولا هو أنين، ولا هو رثاء ولا هو موال حزين، إنما هو رجاء تفرضه الأمانة بكل يقين، هو رجاء تلزمنا قيمنا المهنية وبلزمنا العمق التاريخي للجمعية المغربية للصحافة الرياضية، بأن نطلقه من خلال هذا المؤتمر، لعله يحرك المياه الآسنة، ويدفعنا جميعا إلى تطويق ما قلت عنها في البداية، حوادث معزولة قد تصبح في حال تجاهلها هي القاعدة، وتكون المهنية والتخلق بأخلاقيات المهنة هي الإستثناء.
إن قيمة العمل هي من صدق النوايا، ونيتنا جميعا خالصة لأن نحصن مهنة الإعلام ونجعلها عصية على المتطفلين والمنتحلين للصفة والمتهافتين عليها، وما ذلك علينا جميعا بعزيز، وإن يعلم الله في قلوبنا خيرا يؤتنا خيرا وما توفيقنا إلا بالله»