حيال ما بات المشهد الكروي الإفريقي يشهده من اختراقات ومن تسييس مبطن أحيانا وظاهر للعيان في أحايين أخرى، يكون ضروريا أن تتصدى الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم بكثير من الحزم وبإعمال الصلاحيات المخولة لها قانونا، لهذه الإختراقات والتجاذبات والحشر المكروه للخلافات السياسية في منافسات لها طبيعة رياضية خارقة.
بالقطع لم تكن الرياضة وبخاصة كرة القدم في أي وقت بمعزل عن هذه التجاذبات السياسية، وبمنأى عن صنوف كثيرة للإختراق ضدا على كل أشكال الحظر المنصوص عليها في الأنظمة المؤسسة للكيانات الرياضية والمستوحاة من الميثاق الأولمبي، الذي جعل الرياضة لغة توحد ولا تشتت، تجمع ولا تفرق، تتحلى بالفروسية في صون العلاقات الإنسانية وفي الإرتفاع بالشعوب فوق خرائب التسييس والتفرقة.
تجد الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم اليوم قبل أي وقت مضى، نفسها أمام امتحان حاسم، إما أن تعز فيه أو تهان، إمتحان السلطة النافذة التي تلتزم بأحكام النصوص والقوانين والميثاق الأولمبي، فلا تتراجع أبدا عن معاقبة فعل الإختراق السياسي وجر كرة القدم والمسابقات القارية لمستنقع الخلافات التي لها أعشاب سياسية سامة، وقد شاهدنا لذلك فعلا مستنكرا وفاضحا يبرز الخروج البشع عن النص وعن المواثيق، من خلال التسييس المكروه لحفل افتتاح بطولة إفريقيا للاعبين المحليين من قبل الجارة الشرقية، التي عمدت مع سبق إصرار على خرق الميثاق، بإدراج كلمة خارج السياق لواحد من أكبر «نكرات» العائلة الكروية الإفريقية، وأيضا بعدم التصدي للسفاهة التي صدرت عن جمهور حفل الإفتتاح ذاك، وهو يوجه للمغاربة شعارات مهينة وعنصرية تتنافى كليا مع أخلاق المنافسة الإفريقية، وكان واضحا القصد في التسييس المقيت وفي السكوت على خطاب الكراهية والإهانة، عندما لم تعمد اللجنة المنظمة لهذه البطولة إلى الإعتذار لا للكونفدرالية ولا للعائلة الكروية الإفريقية ولا للجماهير المغربية عن الضرر المعنوي الذي تسببت فيه الهتافات العنصرية، وعن الخرق المرفوض لميثاق البطولة التي يراد منها الجمع بين الشعوب لا التفريق بينهم، إشاعة روح الوحدة لا نزوة التشتيت، وبرغم فداحة كل هذه التجاوزات الخطيرة التي طالبت الفيفا الكاف بتقديم توضيحات عنها، فإن الكاف نفسها أخبرتنا عبر بلاغ خفيف جدا، لا يتناسب مع فداحة الجرم، أنها أخذت علما بهذه التجاوزات وفتحت تحقيقا، الواضح أن نتائجه لن تظهر إلا وقد انفض جمع الشان بالجارة الشرقية.
ولأن الجزائر تصر على أن تنقل المعركة التي خسرتها ديبلوماسيا إلى الرياضة وتحديدا لكرة القدم، فإنها لم تنتظر انتهاء «بطولة الشان» الذي حرم المنتخب المغربي من التواجد فيه للدفاع عن لقب يوجد بحوزته، بسبق إجهاز على اللوائح وإصرار على العنجهية الفارغة، لتنقل المعركة السياسية، أو على الأقل ما بقي منها، إلى السباق الذي تخوضه 5 ملفات إفريقية لنيل شرف استضافة نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2025 والتي جرى سحبها من غينيا، معتمدة في ذلك على أسلوبين يشتركان في الوقاحة وقلة الحياء.
فالجزائر في تصريفها لهذا الملف، تعمد عبر إعلام مبرمج وموجه، لأمرين إثنين، أولهما إطلاق حملة تأييد وهمية للملف الجزائري تنسب لفعاليات إفريقية، إما أنها غير معنية أساسا بالتصويت على البلد الذي سيعوض غينيا في تنظيم الكان، وإما أنه مفترى عليها، وقد كان مهينا للإعلام الجزائري المروج لهذه الأكاذيب، أن الميستر والأسطورة جورج وياه الرئيس الليبيري على سبيل المثال لا الحصر، نفى قطعيا أن يكون قد عبر عن تأييده للملف الجزائري، مؤكدا أنه نقش كلمة على حجر التاريخ والضمير، كلمة قالها لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، يؤكد فيها دعمه الكامل لتنظيم المغرب لهذه النسخة من الكان، ليس فقط لأنه يقدم كل الضمانات اللوجيستية لتنظيم نسخة ولا أجمل، ولكن لأنه يستحق من العائلة الإفريقية هذا التكريم بعد الإنجاز الكروي الرائع لأسود الأطلس في مونديال قطر والذي رفع هامات الأفارقة لهام السحاب.
أما الأمر الثاني، فهو محاولتها اليائسة استمالة العطف، من خلال الترويج لكذبة كبيرة مفادها، أن رئيس الجامعة فوزي لقجع يحرك كيفما يشاء رئيس الكاف باتريس موتسيبي، ويتصرف كما يشاء في إدارة دواليب الكونفدرالية الإفريقية والتي لم يعد للجزائر وجود في تنفيذيتها، وبطبيعة الحال هناك محاولة للاستباق، فإن حدث وجرى التصويت من المكتب التنفيذي للكاف على المغرب لينظم نسخة الكان هاته، قال الإعلام الجزائري «المبرمج» ما قاله المستضعفون والفاشلون في الزمان، فعابوا الزمان، برغم أن الزمان لم ير عيبا سواهم. 
ولو قلت لهم هذا الذي تروجون له وهم وكذب وافتراء على النفس لا على الآخرين، أجابوك.. «يخيل لك»..