يأخذنا الحماس بعيدا، فنقول مع أنفسنا لماذا لا يكرر الوداد الرياضي ما فعله الغريم الرجاء قبل عشر سنوات، عندما أبدع في الموندياليتو الثاني له مسارا أنطولوجيا، لم يتوقف من المشي فيه إلا وهو يلعب النهائي التاريخي أمام الفريق البافاري وينال لقب الوصافة؟
ونسترد شريط المونديال الأخير بقطر، وما أتحف به المنتخب المغربي العالم كله، وهو يصل ضدا على كل التوقعات والتنبؤات لمربع الأقوياء، بل وينهي ذاك المونديال بمرتبة رابعة هي متلازمة مع درجة عالية من الفخر، وكلما ارتدت الذاكرة سعيدة، لشريط المجد، إلا وتذكرنا ما قاله وليد الركراكي مهندس الإنجاز التاريخي والأنطولوجي عن الحلم وعن النية، ومعها نقول مستفهمين لا مستغربين، لماذا لا نحلم مع الوداد؟ ولماذا لا نعقد مع الفرسان الحمر النية، وهي الحجر الأساس في بناء العمل؟
بالطبع لا تأتي كل الأحلام في هيأة الحقيقة، فبعضها يتبخر كما الماء في اشتعال الحرارة، ولكن يحق لنا أن نحلم مع الوداد بمسار جميل يشبه في القوام وفي الصورة وفي المبنى المسار الرائع للرجاء الرياضي في نسخة 2013 لكأس العالم للأندية الأولى التي نظمها المغرب، وهذا المسار ستتحدد ملامحه من المباراة الأولى التي سيلعبها الوداد الرياضي أمام الهلال السعودي يوم السبت القادم بمجمع الأمير مولاي عبد الله بالرباط، مباراة صعبة ومعقدة على الوداد وعلى الهلال السعودي، برغم أن الفرسان الحمر إلى الآن لم يقدموا في مشوار البطولة الوطنية ما يؤكد أنهم على الهيأة الفنية والذهنية القوية التي تركهم عليها وليد الركراكي نهاية الموسم الماضي، وقد جمعوا لثاني مرة في تاريخهم بين اللقبين الإفريقي والوطني.
لم يفرط الوداد الرياضي في الكثير من ثوابته البشرية التي حققت الإنجاز الكبير الموسم الماضي، برغم أن الهداف الكونغولي غي مبينزا لم يتهيأ له البديل المثالي عند رحيله إلى الخليج العربي، فلا جوفيل تسومو أفلح، ولا الكاميروني ديديي لامكيل زي القادم حديثا للقلعة الحمراء نجح في تعويض ماكينة الأهداف، لذلك يبدو الرجل الحاسم والخاتم المبدع لكل الجمل الهجومية، هو أكثر ما يعوز الوداد في هذا السياق الزمني المهم بل والإستراتيجي، فهل يعقل أن تعلق الآمال هجوميا على صانع الألعاب أيمن الحسوني ليغطي على هذا الثقب الكبير؟
ومع أن الإطار التونسي الشاب المهدي النفطي، يجتهد كما قدر له لإيجاد الحلول، في انتظار أن يتعافى تسومو وفي انتظار أن يكتمل اندماح لامكيل زي وأن يقدم أوراق اعتماده، إلا أن أكثر شيء يخيف في الوداد الرياضي، ليس عدم تباثه على الأداء الجماعي المتطابق مع هويته وخصوصياته، ولكن غياب الرجل القاتل الذي يصنع الربيع والبهجة ويفترس دفاعات الخصوم.
طبعا هذه النسخة من كأس العالم للأندية التي هي الثالثة التي ينظمها المغرب، ولا أحد على الإطلاق يشكك في النجاحات التي ستحققها تنظيميا وجماهيريا، هذه النسخة ستكون الأخيرة في الشكل التنافسي الحالي، يقول الكثيرون أنها لن تخرج عن سالفتها بل وعن كثير من النسخ السابقة، حيث يبلغ بطل أوروبا وبطل الكوميبول المباراة النهائية، ونرى اللقب سجالا كبيرا بين القارة العجوز وبين أمريكا الجنوبية، ولطالما تقدمت الأندية الأوروبية مسافات كثيرة عن نظيراتها اللاتينية، لوجود كثير مما عاد يفرق بين القارتين، فهذه تنتج النجوم بسخاء ولا تقدر على الإحتفاظ بهم، وتلك لها من الإمكانات المالية ما يعطيها القدرة على انتداب الجواهر اللاتينية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فريال مدريد الذي يحضر هذه النسخة بطلا لأوروبا متطلعا لتحقيق اللقب الخامس له، يملك بين صفوفه ثلاثة لاعبين برازيليين (ميليتاو، فينيسيوس ورودريغو) ولاعب أوروغوياني هو فالفيردي، علما أنه انفصل حديثا عن برازيليين آخرين هما مارسيلو وكاسيميرو.
ولأن من أكبر ما تواجهه الصيغة الحالية لكأس العالم للأندية من انتقادات تحرض على إيجاد صيغة بديلة أكثر عدالة وجاذبية، أن بطلي أوروبا وأمريكا اللاتينية لا يدخلان السباق إلا من الدور نصف النهائي، فيكفي أحدهما أن يلعب مباراتين ليعلن بطلا، فإن المتوقع أن يجد فلامينغو البرازيلي وريال مدريد الإسباني طريقهما لنهائي أوروبي لاتيني، إلا إذا حدث ما يقلب الخرائط وما يصنع المفاجأة، ما هو من قبيل حلم الوداد الرياضي، بأن ينسج على منوال الغريم الرجاء، فيسافر في عالم الخيال ليكتب بدوره صفحة جميلة في هذا المونديال.
وكما قال وليد الركراكي: «لماذا لا نحلم ونحن لا نؤدي على الحلم درهما واحدا؟»