جالست بمعية زميلي جلال بوزرارة قبل أيام من ودية البرازيل، المدرب والناخب الوطني وليد الركراكي في حلقة مثيرة من برنامج "دريم تيم" جرى بثها على قناة «إم بي سي 5»، وحضرت كل أسئلة المستقبل التي تراودنا جميعا، أسئلة تولد طبعا من رحم المونديال التاريخي للفريق الوطني، وهي كلها تسكن رأس وعقل وليد الركراكي، لأنه يعرف إن استدامة النجاح أمر صعب وأن الإبقاء على روح المونديال أمر معقد وأن الإستثمار في إرث كأس العالم مسؤولية، لطالما أن الزمن الحالي لا يمهل الفريق الوطني كثيرا، فالرهانات بكل أجناسها تتوالى، وعلى رأس هذه الرهانات تقف النسخة القادمة لكأس إفريقيا للأمم التي تستضيفها كوت ديفوار بعد سنة من الآن.
وكان وليد في تفكيره واضحا وفي رسمه للطريق الجديدة عقلانيا وفي تدبير المرحلة الحساسة التي تعقب المونديال براغماتيا، قال جوابا على أسئلتنا أن ودية البرازيل ستعطيه اليقين الكامل على أن أسوده عادوا إلى الأرض ليبدأوا مجددا رحلة الصعود إلى القمم، على أنهم ما فقدوا شيئا من جوعهم ونهمهم وعلى أن روح المونديال لها في العقول والجوارح مستقر.
وقال وليد أن المرحلة التي نحن بصددها تستدعي الحفاظ على الثوابت البشرية وتستدعي بداية الإشتغال على ورش التنشيط الهجومي، وستكون مباراة البرازيل قبل ودية بيرو، شروعا في الإشتغال على هذا الورش الصعب، إذ على اللاعبين أن يجازفوا هجوميا..
وما شاهدناه في مباراة البرازيل تطابق بالكامل مع ما كان يفكر فيه وليد، وتلك ميزة لا نجدها إلا عند المدربين المبدعين والجسورين الذين يعشقون المباشرة ولا يلتون في تقديم مشروعهم بل ولا يتحايلون، فقد لعب الفريق الوطني بتشكيله المونديالي، وكان المتغير الوحيد هو دخول الشاب بلال الخنوس ليكمل مثلث وسط الميدان، وبالمناسبة كم كان رائعا أن نرى أسدا في عمر 18 سنة بذاك النضج التكتكي، ولعب الفريق الوطني وديته أمام البرازيل بروح المونديال، حتى خيل لنا أننا نشاهد مباراة مقتطعة من مونديال قطر، بزخمها وهوسها وحتى تضاريسها التكتيكية.
ومع كل المجازفة التي كان عليها التنظيم الدفاعي باللعب أحيانا ببلوك نازل، وبمحاولة إخراج الكرة من المنطقة تحت الضغط، فقد كانت للفريق الوطني جرأة هجومية أكبر، وأرقام المباراة تدل على ذلك، عدد الهجمات المنظمة، عدد مرات التسديد على المرمى، وعلى الخصوص تمكن الفريق الوطني من الوصول مرتين لمرمى البرازيل.
وكان أجمل ما في ودية البرازيل، بأن أحسن الأسود الظن بمدربهم، فمنحوه خلال مباراة البرازيل، كل ما كان يريده بل وما كان يتوقعه، فقد أثبتوا له وللناس جميعا، أنهم لا يجدون حرجا في الخروج من منطقة الرفاهية التي أدخلهم إليها المونديال، ليعودوا إلى معترك الإشتغال تحت الضغوط، فقد أصبحوا من اليوم مطلبا لأي منافس، وأول من سيحلم بالإطاحة بهم، منتخب بيرو الذي سيكون طرفا في الودية اللاتينية الثانية التي سيلعبها الفريق الوطني اليوم الثلاثاء بمدريد، ودية حتى لو سعى وليد إلى لعبها بتشكيل مختلف عن التشكيل الذي كتب التاريخ بالفوز على البرازيل، إلا أنه سيسعى للإبقاء على صورة الفريق الذي لا يقهر، الفريق الذي يحتمى بروح المونديال..