في أيام عيد الفطر السعيد، تعاود أنديتنا الثلاثة السفر من جديد إلى الأدغال الإفريقية، لتلعب واحدة من الأدوار الحاسمة لمسابقتي عصبة الأبطال وكأس الكونفدرالية، فبعد أن حلقت هذه الأندية بمنتهى الإقتدار والجدارة إلى الدور ربع النهائي منهية دور المجموعات متصدرة، ستكون هذه المرة موعودة مع أولى الحلقات التي تفضي مباشرة إلى النهائي الحلم، وكلنا يعلم أنه بدخول دور خروج المغلوب، يضيق هامش الخطأ ولا تعود هناك إلا فرص قليلة جدا للتعويض.
وتنتاب بعضنا حالة من القلق والتوجس، من الحالة الذهنية والرياضية التي يصل بها كل من الوداد والرجاء والجيش لمرحلة الحسم في السفر الإفريقي، حالة يتصورها البعض متشنجة ومعطوفة على تراجع منسوب الأداء الجماعي في المباريات الأخيرة، بخاصة تلك التي خاضتها هذه الأندية في البطولة الإحترافية.
قطعا، إن تحسن أداء الوداد الجماعي وارتقت فعاليته الهجومية، بمجيئ خوان كارلوس غاريدو ليغطي على فظاعات زمن المهدي النفطي، إلا أن هذا الوداد الذي اغتنى نسبيا رصيده البشري، لم يصل بكل الأحوال للشكل الفني الجميل الذي كان عليه الموسم الماضي مع وليد الركراكي، وهو ما مكنه من أن يعتلي قمة الهرم الكروي الإفريقي والوطني محرزا اللقبين معا.
وقد شاهدنا هذا الوداد بفعل «الفلسفة الزائدة» لغاريدو، والتي تحرضه على تجريب معادلات تكتيكية في توقيت حرج، شاهدناه يتعذب كثيرا ليربح نزالاته بخاصة تلك التي أعقبت الديربي أمام الرجاء، ويرسل جراء ذلك إشارات مخيفة.
الشيء ذاته ينطبق على الرجاء الرياضي، الذي دفع غاليا ثمن التفريط في الفوز أمام الوداد في الديربي الأخير، إذ لم يقف الأمر عند ضياع النقاط بشكل مريع، نجم عنه ابتعاد الفريق عن البوديوم، بل تعداه إلى حدوث شرخ معنوي، فالرجاء الذي شاهدته في آخر ثلاث مباريات أمام الفتح وحسنية أكادير وشباب السوالم، لا يمت بصلة للفريق الذي باركنا ما طرأ عليه من تحول جوهري بمجيئ التونسي منذر لكبير.
ذات العلة أصابت الجيش الملكي الذي تراجع كثيرا منذ فوزه بثلاثية لهدف على سطاد المغربي في منافسات كأس العرش، فتعادل بالطوغو أمام أسكو كارا، وفاز بشق الأنفس على شباب المحمدية وخسر تواليا أمام حسنية أكادير والإتحاد الليبي، وفي المواجهات الثلاث ابتعد كثيرا عن خاصيات النجاح التي برزت بداخله منذ بداية الموسم، وجعلته يتصدر السباق نحو اللقب في أربع واجهات.
تختلف في واقع الأمر، مسببات هذا الترنح الذي أصاب الوداد، الرجاء والجيش في وقت صعب للغاية، إلا أنني موقن أنها ستنتفي تماما والأندية تدخل المعترك الإفريقي، لتتنفس هواء جديدا ولتعيش طقوسا جميلة محفزة على الإبداع وبخاصة لتقطع تماما مع رياح الخوف والتوجس التي تهب على المشهد الكروي المحلي، والأكيد أننا سنشاهد الوداد يبرز الأنياب عند مواجهته لسيمبا التانزاني في دار السلام، ليقضم القشة التي تغطي على الأحلام، ولعله سيبحث هناك عن الفوز لتيسير عملية العبور للدور نصف النهائي هنا بالدار البيضاء، كما أنني متيقن من أن نسور الرجاء سيفرغون تماما من كل الحمولات السلبية التي حملتهم إياها مباريات البطولة الإحترافية، ليكونوا بكامل عتادهم الفني والنفسي لربح الجولة الأولى من الصراع القوي مع النادي الأهلي المصري، فإن رآها البعض مواجهة ثأرية، فأنا أراها مباراة لإنقاذ الموسم، فما عاد هناك من خيار يتيح الظهور مجددا في مسرح الأبطال، سوى الفوز بلقب الشامبيونزليغ، ولا أظن أن هذا الحلم بعيد عن الرجاء.
وسيكون الجيش الملكي عند مواجهته لاتحاد العاصمة الجزائري بمدربه عبد الحق بن شيخة، في ذهاب ربع نهائي كأس الكونفدرالية مطالبا كما قال مدربه فيرناندو داكروز بأن يستوعب جيدا الدروس التي أعطته إياها مباراته أمام الإتحاد الليبي، حيث يكون ضروريا الحفاظ على الهدوء والتركيز واللعب على الإمكانيات الذاتية أكثر من اللعب على إمكانيات المنافس.
ثلاثة مواعيد جميلة ومثيرة، ندعى لها في أيام العيد، وإن تمنينا أن يطل علينا هلال الفرح خلالها، لنستعيد الصور الجميلة التي عشناها الموسم الماضي والأندية المغربية تحتكر الألقاب الإفريقية، فإن تباشير هلال العيد ستكون هي خروج الأندية الثلاثة من معترك الوجع.