في القاهرة وفي دار السلام، كان السقوط واحدا، وإن اختلفت درجة الوجع جراء هذا السقوط وما سيلزم به جولة الإياب في مركب النار، وإن اختلفت السياقات أيضا، وما وحد بين الشكل الذي خسر به الرجاء جولة ذهاب الدور ربع النهائي لعصبة الأبطال أمام الأهلي المصري، والنحو الذي جاءت عليه خسارة الوداد بدار السلام أمام تانزانيا، أننا شاهدنا من ذلك أمثلة كثيرة، شخصيا لم أتورع يوما في التنبيه إليها، فليس من عادتي أن أحمل أي فريق ما هو فوق طاقته، ولكنني كما أنتم تماما، لا أحب أن تلدغ أنديتنا من ذات الجحر دائما.
كيف بدأ الرجاء مباراته أمام الأهلي المصري في يوم العيد وكيف أنهاها؟ هناك بالتأكيد بون شاسع.
بدأ النسور مباراتهم محلقين بشكل جميل، تهيب منهم الأهلاويون فحذروا لسعة المخالب، كان كل من نهيري وازريدة قريبين من كتابة أحلى بداية لسيناريو المباراة، لولا أن الشناوي حارس الأهلي صد الكرتين معا، وكان الخوف كبيرا من أن يؤدي الرجاء غاليا ثمن إضاعته للفرصتين معا وعدم استفادته من الفترة القوية التي كان يمر منها، الخوف من أن ينقلب الأمر رأسا على عقب، والمباراة تتقدم في زمنها الصعب، وتصبح كالكف الذي يجب أن يقرأه كل مدرب بشكل جيد.
وحدث ما توجسنا منه وما كنت دائما أنبه إليه، أن نعري بشكل اعتباطي على الغلاف الدفاعي السميك، فنسمح لمهاجمي الأهلي بضرب العمق، فبينما كانت الجولة الأولى تسير نحو نهايتها، وكان يرضينا فيها بقاؤها على بياض، إذا بنزوة قاتلة تأتي من حيث لا أحد يدري، نزول حاد في التركيز على الواجبات الدفاعية، خطأ على مستوى التغطية، والمدافع الأهلاوي عبد المنعم يعاقب الرجاء بهدف من رأسية كانت غاية في الدقة، إذ استغلت الوضع الذي كان عليه الزنيتي على خط المرمى.
هدف يستقبله الرجاء، ويكون لزاما على المدرب أن يخفف بين الشوطين من وطأته على لاعبيه، لكن ما حدث أن الرجاء سينهار بدنيا، هذا أولا، وأن منذر الكبير سيخسر معركة التبديلات مع مدرب الأهلي كولر ثانيا، طبعا للتفاوت الحاصل في جودة البدائل بين الفريقين، وسينجح الأهلي من هبوط متكرر للتركيز عند مدافعي الرجاء في ضرب العمق الدفاعي ليوقع هدفه الثاني، الهدف الذي يراه الأهلاويون عنوانا لتأهلهم للدور نصف النهائي، ولا نراه نحن كذلك، لأن هناك مباراة إياب ستلعب يوم السبت القادم بمركب محمد الخامس بالدار البيضاء، وهي مباراة تحتاج للأمانة لرجاء خارق لكي ينجح في تحقيق الريمونطادا الخضراء، ومعنى أن يكون الرجاء في ذلك اليوم مبهرا وخارقا، هو أن يأتي بأداء جماعي لا تطاله أي خدوش ولا يسمح للاعبي الأهلي بمجرد التنفس، بإعمال الضغط الرهيب عليهم. 
ويمكن أن نتصور لهذه الريمونتادا سيناريوهات كثيرة، إلا أن الثابت في كل هذه السيناريوهات المتخيلة، هو أن يلعب الرجاء مباراة بطولية، ولا أعتقد أنه سيعجز عن ذلك.
وقبل أن نشاهد ذاك الذي شاهدناه بالقاهرة، كان الوداد قد سقط بدار السلام أمام سيمبا التانزاني بهدف للاشي، في جولة ذهاب كنا نظن أن الوداد سيحسم فيها الكثير من الأشياء، لكن الوداد لم يفعل، ولم يكن يستطيع أن يفعل ما كان أهلا له، لأنه ببساطة لعب أسوأ مباراة له هذا الموسم، كان فيها المذنب هو الأداء الجماعي والأداء الفردي وأيضا المدرب غاريدو.
بالقطع، لا نية لي أن أنقص من الفوز الكبير الذي حققه سيمبا بميدانه، فوز خطط له وسعى إليه ونجح في الوصول إليه، إلا أنني أستغرب لهذا الكم من الإفلاس البدني والتكتيكي الذي رافق الوداد البطل وأظهره في صورة الفريق المتواضع والمنهك.
بالتأكيد الخسارة بهدف في دار السلام لا ترسل الظلام فقط لسماء الوداد، هي خسارة تركب أجنحة حديدية للفريق التانزاني هذا صحيح، ولكنني لا أتصور أنها ستخرج الوداد من مولد العصبة في دور الربع، إذ المؤكد أن الوداد سيلعب بدونور مباراة تليق بمقامه، وتبقي على آماله في مطاردة اللقب الإفريقي الرابع في تاريخ الفرسان الحمر والثاني على التوالي.
لكن العودة في النتيجة هنا بمركب محمد الخامس، تفرض التعافي الكامل للوداد ذهنيا وبدنيا، وتفرض أن يقلع غاريدو عن شبه هلوسات تكتيكية بخاصة على مستوى التوظيف، أما الأشياء الأخرى فجماهير الوداد كفيلة بها.
سواء مع الوداد أو الرجاء، يحتاج «دونور» لأن يدور مجددا كالرحى، ليطحن حبات القمح، لعل جولة الإياب تعطينا خبزا ورغيفا وتأهلا للمربع الذهبي للأبطال.