ثلاثتهم لم يغنموا شيئا من رحلات ثلاث، قادتهم تباعا لدار السلام، القاهرة والجزائر العاصمة، إذ تكبدوا جميعهم الخسارة ولو بشكل متفاوت.
وكما أن ثلاثتهم ارتكبوا ذات الأخطاء في تدبير جولة ذهاب الدور ربع النهائي لعصبة الأبطال وكأس الكاف، حدرنا منها كثيرا، فإنهم يواجهون في جولة الإياب ذات المصير المحتوم، إجلاء ما تكبد في السماء من غيوم وتحقيق الريمونطادا التي تسمح بأن يكون المربع الذهبي للمسابقتين القاريتين ملونا بألوان مغربية كما هي عادته في السنوات الأخيرة.
قد يكون الوداد الذي عاد من دار السلام متأخرا بهدف وحيد، الأقرب لتحقيق هذه الريمونطادا، بحكم أن ما يملكه من خبرة ومن رصيد بشري وما سينعم به من دعم جماهيري رهيب، سيجعلونه يحلق فوق جراح الذهاب، للفوز بفارق الهدفين على الأقل، لحجز مقعد في الدور نصف النهائي للأبطال.
ولن تتبدد الشكوك التي تكومت لدينا جميعا بعد «ملهاة» دار السلام، إلا إذا استعاد لاعبو الوداد أولا روحهم الإفريقية التي غابت في لحظة مفصلية، وإلا إذا توقف غاريدو ثانيا عن «الزيادة في العلم» وقدم لنا يوم الجمعة الوداد المتوازن والوداد الجسور هجوميا، والوداد الذي يحكم تضييق الخناق على المنافس، فلا يجعله قادرا حتى على التنفس.
ولربما كانت هناك حاجة لتعديل متوسط الدفاع مع الغياب الإضطراري لفرحان، إذ تبدو ثنائية زولا وبن عيادة هي الأقرب لطبيعة وخصوصيات المباراة، مع إعادة العملود لرواقه الأيمن، كما يبدو ضروريا تلقيح وسط الميدان لرفع درجة نجاعته عند الربط وعند الإسترجاع، فإما أن يعاد تشكيله كاملا وإما أن يتم تغيير الأدوار بين الثلاثي، جبران، الداودي والحسوني، بالشكل الذي يعفينا من صور التضاد بل والتنافر المقيت الذي ظهر في مباراة الذهاب هناك بدار السلام، كما لا شك إطلاقا بأن عودة سامبو جونيور لشغل وظيفته كقناص ستحتاج من غاريدو لتوظيف أجنحة إمداد من المستوى العالي، وهنا سيكون ضروريا استغلال «الفورمة» التي وصلها كل من زهير المترجي وأوناجم.
وحكمت الخسارة بهدفين هناك في ملعب القاهرة الدولي على الرجاء الرياضي، بأن يعيد لعصبة الأبطال الصورة الرائعة التي كان عليها النسور الخضر في دور المجموعات، فمن غير تلك الصورة التي تتحدث عن منظومة لعب محصنة ضد الأخطاء المجانية والساذجة، وعن درجة توفيق وإلهام عالية جدا، لن يكون بمقدور الرجاء تحقيق الريمونتادا الخضراء، فما يجب انتقاؤه بين كل السينايوهات المتاحة، أن يلعب الرجاء بكتلة متناسقة، تتحرك بشكل ذكي ولا تبقي لمنافس خطير المساحات، فما سيفعله لاعبو الأهلي بالمهارة العالية وبالخبرة المكتسبة لديهم، أنهم سيجارون لاعبي الرجاء بأن يمنحوهم بعض المساحات للمناورة، ولكنهم في مقابل ذلك، سيجيدون اللعب بالبلوك الدفاعي المتحرك لا الثابت، وحتما إن هبت لهم رياح سيغتنمونها لتسجيل هدف يحيل المباراة بالنسبة للرجاء إلى رسم مستحيل، ومن يستعرض الأسماء الوازنة التي يأتي بها الأهلي لملاقاة الرجاء سيقف على حجم الإمكانات الفنية الكبيرة لأغلبهم.
ولو كان هناك فاصل يمكن أن يشاهده لاعبو الرجاء ليتشبعوا بالقدرة على قلب ظهر المجن وكتابة الريمونطادا، فهي مزيج بين الطريقة التي افتتحوا بها مباراتهم هنا بالدار البيضاء في إياب ربع نهائي النسخة الماضية، وبين العرض الكروي الرائع لفريق صن داونز الجنوب إفريقي في دور المجموعات، الذي كشف الكثير من العورات الدفاعية للأهلي ورمى ب5 كرات في مرماه، وفي الملمحين معا يقف جمهور الرجاء كمتغير استراتيجي كبير ومؤثر، أتمنى أن يستثمر من قبل النسور الخضر على الطريقة الأفضل.
وذات الصعوبة التي سيلاقيها الرجاء في مباراة العودة أمام الأهلي، بحكم الإرث السيء الذي عاد به من القاهرة، يستشعرها الجيش الملكي وهو يلاقي في إياب ربع نهائي كأس الكونفدرالية نادي اتحاد الجزائر، الذي ما نجح هو الآخر في ترجيح كفته، هناك بملعب 5 يوليوز، إلا لأن الجيش الملكي سقط في بدع تكتيكية غير مقبولة في مستويات كهاته التي بلغتها الكأسان القاريتان.
ومع الغياب المؤثر للاعب وازن هو رضا سليم الذي أوقع نفسه في شراك «طرد بليد»، ووجود عبد الحق بن شيخة على رأس العارضة التقنية لاتحاد الجزائر، وهو الذي خبر جيدا تضاريس الكرة المغربية، فإن الجيش سيحتاج لقوة دفع رهيبة ولرسم تكتيكي غير شفاف ولإرادة جماعية تقهر اليأس، لكي يسقط الفريق الجزائري بالحصة التي تتيح العبور للدور نصف النهائي، حافزه وسنده في ذلك جمهوره الرائع الذي سيملأ مدرجات مجمع الأمير مولاي عبد الله بالرباط، والذي عودتنا الكثير من المباريات على أنه يلعب الدور الرئيس في كتابة الملاحم.
لا مستحيل في كرة القدم و«نديرو النية» والله يجيب التيسير.