طبعا، رأينا أن هناك حاجة لتعقب الأحداث المشينة التي شابت مباراتي الوداد والرجاء في إياب نصف نهائي عصبة الأبطال الإفريقية، فأفردنا لها في هذا العدد الذي هو بين أيديكم، ملفا أنجزه بمهنية عالية زميلنا في هيئة التحرير أمين المجدوبي، طرح من خلاله العديد من الأسئلة على مشهدنا الكروي الوطني، أسئلة استفهامية وأسئلة استنكارية، الجامع والمشترك بينها، أنها أسئلة قلق، من الضروري أن تستنفرنا جميعا لنقدم لها الإجابات الشافية، التي لا مداهنة ولا مراوغة ولا محاباة فيها.
والحقيقة أننا كثيرا ما طرحنا هذه الأسئلة المشبعة بالتوجس والخوف، متفرقة بحسب السياقات الزمنية وبحسب الأحداث المتعاقبة، وبخاصة عندما نشهد فصلا جديدا من فصول العنف والشغب في الملاعب.
واليوم يتضح جليا أن «مافيا» الشر تجد ضالتها في مباريات كرة القدم التي ينساق إليها ملايين المغاربة، إما بدافع الشغف، أو بدافع العشق والإنتماء لهذا الفريق أو ذاك، فتُتاجر وتُقامر وتُشعل السوق السوداء وتُزور التذاكر، ولئن تأكدت من ضعف وهشاشة آليات المراقبة والضبط، أيقنت أنها لا تقع أبدا تحت طائلة العقاب المنصوص عليه قانونا في مدونات مكافحة الشغب.
ماذا تريدون من عاشق أو محب لفريقه، أن يفعل وقد اقتطع من قوت يومه ثمنا به اقتنى تذكرة الدخول، يُصْدم يوم المباراة، بأن الأبواب أغلقت في وجهه، بحجة أن مدرجات الملعب امتلأت عن آخرها، بجماهير أكثرها ولجت الملعب بتذاكر مزورة أو تسللت، أو جرى تسريبها بطريقة أو بأخرى؟
ماذا تريدون من متفرج أن يفعل، وقد جرد من حلم مشاهدة المباراة أو سلب حقه في الدخول أو بِيعَ تذكرة مزورة؟
كيف لا يجنح كل هؤلاء للشغب، ولا أحد اقتص لهم أو أخذ لهم حقهم المغتصب؟
بالطبع لا أقلل من كارثية ما حدث على وجه الخصوص في مباراة الرجاء والأهلي، وفتاة رجاوية في مقتبل العمر تُداس تحت الأقدام بسبب تدافع رهيب إلى أن لفظت أنفاسها الأخيرة وأسلمت الروح لبارئها، ولا أقبل على الإطلاق أن يذهب دمها هدرا، من دون البحث عن المتسببين والضالعين في ذاك المشهد المقرف، إلا أنني أؤكد، أن المشهد كان سيكون أكثر كارثية وفداحة لا قدر الله، لو لم يتم تفريق المئات ممن هاجموا البوابات وأرادوا الدخول عنوة لملعب كانت مدرجاته قد امتلأت عن آخرها ساعتين قبل انطلاق المباراة، فإذاً هناك حاجة لأن نسائل ونحاسب ونعاقب من تبث في حقه جرم من أي نوع، ونتوخى في ذلك الصرامة الكاملة، ونمر بعد المساءلة والمحاسبة على ضوء ما ستكشف عنه التحقيقات، إلى اعتماد مقاربة جديدة في كل ما له علاقة بمباراة كرة القدم، اقتناء تذكرتها بشكل يقاوم كل تزوير، وتجريم بيع هذه التذكرة في السوق السوداء وإعطاء هذه التذكرة حرمتها، بأن تمكن حاملها لأن يصل بسلاسة كبيرة أولا للملعب وثانيا للمقعد المخصص له وثالثا بعدم التشويش عليه عند متابعته للمباراة.
لا أعتقد أنه سيكون مستحيلا علينا أن نرتقي بأسلوبنا في الإقبال على مسارح التباري، وفي استنساخ الآليات المتبعة من الفيفا والتي شاهدنا صورة منها عند استضافتنا للموندياليتو، وفي الحفاظ على كرامة المتفرج والعاشق، الذي لولا افتتانه بكرة القدم، ما قَبِل على نفسه أن يسقط إلى المستنقع..
إذا كنا نستطيع، فلنبدأ العمل من الآن في هذا الورش الضخم والكبير، نحن من نقول أننا شعب الفرجة وشعب يعشق كرة القدم حتى النخاع.