ما تعلم الكثيرون، ممن أقرأ لهم أو أرصد تحليلاتهم، من دروس كرة القدم، وما اتعظوا من جحور لدغوا منها لمرات كثيرة، وهم يجمعون بلا أدنى هامش للتحفظ، على أن الأهلي المصري يوجد في طريق سيار لربح رهان العصبة الإفريقية والثأر من خسارته للقب الموسم الماضي أمام المارد الأحمر، الوداد الرياضي الذي غدا للأميرة الصغيرة عاشقا، يجدر به أن يقف على بابها سائلا لقبها.
القول بأن للأهلي حظوظا وافرة لنيل اللقب أو بالأحرى لاستعادته من الوداد، لا تحفظ لي عليه فللناس فيما يتكهنون ويحدسون مذاهب، ولكن الجزم بأن لا أمل للوداد في القبض على لقب العصبة الرابع له والثاني على التوالي، وأن الأهلي اليوم أقوى من الوداد بمراحل، لا تقبل أن يشرب الأهلي من نفس كأس الموسم الماضي، وبخاصة أن نهائي النسخة الحالية، سيجري بالنظام القديم، من ذهاب وإياب، فيه قلة احترام للمنافس وفيه عدم تقدير لطبيعة النهائي الذي يصعب القياس عليه، والحال أننا هذه المرة، كما سبق، نقف عند نهائي مثالي ونموذجي، يصعب التكهن بمن سيكون بطله.
لا خلاف على أن الأهلي، وقد أسعفه الحظ بالتأهل من دور المجموعات على حساب الهلال السوداني، فمن ينسى أن لاعب الهلال السوداني الطاهر أهدر ضربة جزاء لو سجلها بمرمى ماميلودي صن داونز، لكنا اليوم نتحدث عن نهائي آخر، مكنته مرجعيته من أن يتنقل بيسر كبير من الدور ربع النهائي على حساب الرجاء الرياضي، ومن الدور نصف النهائي على حساب الترجي الرياضي التونسي، إلا أن الوداد الرياضي هو الآخر نزل عميقا لأسطوريته ليطلع بأداء أنطولوجي به نجح في إسقاط من وضعوا في عنقه لقب هذه النسخة، ماميلودي صن داونز الجنوب إفريقي الذي أرسل في الفضاء النيازك وهو يضرب الأهلي هناك في بريتوريا بخماسية.
وإذا ما استند حلفاء الأهلي على الإلهام الذي اهتدى إليه في أدوار خروج المغلوب، ليرفعوا نسبة ترشيحهم لكبير القوم للظفر باللقب، فإننا كمناصرين للوداد وقد غدا سيدا للمسابقة، نستحضر نسخة الوداد أمام ماميلودي هناك بجنوب إفريقيا، لنؤكد أن الوداد لم يكن مؤهلا ومرشحا للإبقاء على لقب العصبة بالمغرب، أكثر من هذه المرة.
بالتأكيد، نحن اليوم أمام صورة مركبة والنهائي يجرى من جولتين، ذهاب في قاهرة المعز وإياب في الدار البيضاء بمركب النار، وسيكون من حظ الوداد أن يفتتح السباق النهائي هناك في القاهرة، والحظ هو أن يكون كل الضغط من البداية على الأهلي المصري، حيث يبدو الفوز على الوداد بحصة مريحة حاجة ملحة، غيرها سيكون عبئا تكتيكيا ونفسيا سيقع على أكتاف مدرب ولاعبي الأهلي.
وبالقطع، فهذا الضغط الذي يقع على لاعبي الأهلي وتنوء بحمله الجبال، ستتحدد طبيعته وتضاريسه من خلال ما سيفعله الوداد هناك في ملعب القاهرة، وما أجمل أن يلعب الوداد تلك الجولة بأسلوب مركب يمزج بطريقة ذكية بين التكتل الدفاعي الذي يأخذ طابع البحر في مده وجزره، بتقارب الخطوط وبحراسة المنطقة وبأقل نسبة ممكنة من الأخطاء، وبين المرتد الهجومي المدروس، الذي يشعر الأهلي بأن الوداد ما جاء بنية بناء أسوار دفاعية والوقوف خلفها، لذلك قلت أن مباراة بريتوريا أمام ماميلودي صندوانز، تمثل للوداد مرجعا تكتيكيا، أنا متأكد من أنه لو كرسه في مباراة القاهرة، لتحقق الفوز هناك، الفوز الذي لم يستطع الوداد تحقيقه في أي من المباريات التي أجراها وهو ينزل ضيفا عل الأهلي.
ولأن سفين فاندنبروك مدرب الوداد، نجح في زمن قياسي في تطويع الأداء الجماعي للوداد بحسب مقاسات فكره التكتيكي، وظهر ذلك جليا عند مواجهة ماميلودي صن داونز، فإن المنتظر منه وهو يقرأ بإمعان صحيفة الأهلي، أن يأتي بالمنظومة التكتيكية التي تفعل بالأهلي نفس الذي فعله به ذات الفريق الجنوب إفريقي.
هو إذا نهائي مثالي ونموذجي، لا يمكن أن نجد أفضل من الوداد والأهلي ليكون طرفيه، والأمل كبير في وداد الأمة لينجز ما يستحق عليه، أن ترفع له القبعة، لقب رابع، يكون هو الثامن للأندية المغربية في تاريخ عصبة الأبطال.