كلما هممنا بقراءة فاصل الإياب لنهائي عصبة أبطال إفريقيا بين الوداد والأهلي الذي سيكون الأحد القادم، مفصليا وحاسما وناريا بمركب الرعب مركب محمد الخامس بالدار البيضاء، إلا وأحالنا ذلك على ما حدث خلال فاصل الذهاب هناك بالملعب الدولي بالقاهرة، نتيجة ومحصلة تكتيكية وأحداثا على الهامش.
طبعا ليس هناك في الهزائم أفضل من التي خرج بها الوداد من محرقة القاهرة، ولو أن النتيجة كانت ستكون أفضل مما كانت عليه، في ظروف مختلفة وفي سياقات أخرى وبتدبير تكتيكي أفضل، فالخسارة بهدفين لهدف، تبقي للوداد أفضلية تسجيل هدف في مرمى المنافس في عقر داره، ليصبح الفوز يوم الأحد بهدف للاشيء عنوانا للتتويج بالنجمة الرابعة، وقد كان لهدف بوهرة الذي حجم من الخسارة أمام الأهلي مفعول السحر في تحديد مآل فاصل الإياب بالنسبة للوداد، فيما كان أشبه بالإعصار الذي ضرب الأهلي، لاعبين ومدربا وجمهورا، فما كنت أظن أن مارسيل كولر مدرب الأهلي كان سيخرج عن طوعه بعد المباراة، ليكيل من وحي خيالاته تهما لحكم المباراة تؤكد وقائع المباراة زيفها، فيما لو انتهت المباراة بفوز الأهلي بهدفين نظيفين، وما كان حسين الشحات المستبدل قبل توقيع الهدف قد أرغد وأزبد وهو يتوجه لكرسي البدلاء، محتجا على تقاعس زملائه، وما كان جمهور الأهلي سيجنح لارتكاب ما هو محظور، رشق لاعبي الوداد بالقنينات وهم في طريق العودة لمستودعات خلع الملابس، وقد استشعر بقلب العاشق أن الكأس طارت من يد فريقه.
هدف بوهرة هذا، سيكون له مفعول السحر على الوداد، فيما لو نجح الأحمر في إنهاء مباراة الأحد القادم متقدما بهدف للاشيء، إذ سنتفهم وقتها، لماذا لطم الأهلاويون على الخدود وكرة بوهرة تهز شباك بديل الشناوي، الحارس الشاب مصطفى شوبير الذي خلص فريقه من كرتي هدف من انفرادين واضحين للجعدي والمترجي، فذاك الهدف سحبهم إلى غياهب تكتيكية ما كانوا أبدا يتمنونها.
وسيكون هدف بوهرة، محددا قويا لتضاريس مباراة الإياب، فإن فرض على الوداد اللعب بالإحتياط الموزون، لا استعجال فيه ولا مجازفة، بالوصول العاقل لمناطق الأهلي وخطف الهدف الذهبي، حكم على الأهلي المصري ألا يختار فرضية اللعب مدافعا من أول دقيقة، لأنه يعرف أنه لن يجيد رص الحافلة أمام حارسه الشناوي، وما كانت تلك هوايته في أي مرة، ولا يمكن أن يأمن سطوة أسد التيرانغا سامبو جونيو والآتين من الخلف، أو حتى الموجهين للقذائف المرعبة التي يذكر الأهلاويون واحدة منها، وهي التي حملت بصمة زهير المترجي في نهائي النسخة الماضية.
وكما أن للأهلي أسلحة يجب على الوداد توخي كامل الحذر منها، على غرار الزئبقي بيرسي تاو الذي يحتاج لخرم إبرة ليوجه الكرات المزلزلة، والماكر محمود كهربا الذي لا يرفض الهدايا كالتي تحصل عليها في مباراة الذهاب ومنها سجل هدف الأهلي الثاني والمخادع الحسين الشحات الذي يجيد التلصص على المنافس في مناطقه، فإن للوداد عياراته الناسفة التي سيحتاجها وهي في قمة عنفوانها، من هداف النسخة الحالية لعصبة الأبطال سامبو جونيور، إلى سيف الدين بوهرة مرورا بأوناجم وأيمن الحسوني، وطبعا لا يأخذ أداء الوداد شكله الهلامي الذي يساعده على حسم مثل هذه المباريات، وعدم التخلف عن المواعيد التاريخية، إلا بوجود جمهوره الذي يعطي الدليل على أنه يلعب أدوارا ثقيلة ومفصلية لا ترى بالعين المجردة.
وقد اخترت هدف بوهرة، دون سواه من مشاهد مباراة الذهاب هناك بالقاهرة، لإدراكي التام أن لاعبي الوداد يحتاجون إلى ما يجدد طاقتهم الإيجابية، إلى ما يرفع معنوياتهم إلى مستويات قياسية، تسمح في اليوم الموعود بتقديم الأداء الجماعي الذي يشفع للوداد بالبقاء سنة أخرى على قمة كرة القدم الإفريقية، وقد تزين صدره بنجمة إفريقية رابعة.