• الجميل في الندوة الصحفية التي عقدها المدرب والناخب الوطني وليد الركراكي، في أعقاب ودية الرأس الأخضر المنتهية بالتعادل الأبيض، أنه كان شجاعا في الجهر بكل الحقائق، أوصلها بأسلوبه وبطريقته، بعفويته وتلقائيته، بصراحته وبراغماتيته وقال صدقا ما كنا سنقوله، وما كنا سنتهم فيه بالتشويش، على الرغم من أنه عين الحقيقة، ومن صلب الضارة النافعة.
قال وليد الركراكي أنه متضايق وغير راض من أداء الفريق الوطني أمام الرأس الأخضر، ومنزعج من «الديشيات»، أي من مفسدات الأداء الجماعي ومبطلات انسيابية التحولات التكتيكية، وهذا شاهدناه بخاصة عند لاعبي الخط الأمامي (بوفال، زياش وحتى حكيمي ومزراوي في حالة الهجوم).
وقال وليد أننا بهذا الأداء لا يمكن أن نحلم بالفوز بكأس إفريقيا للأمم القادمة، وهذا تحذير ليس للاعبين فقط بل له شخصيا، لأن الإنتقال من المضمون المونديالي إلى المحتوى الإفريقي، يتطلب الكثير من الشراسة بخاصة في المرفق الهجومي، ويتطلب مقاربة جديدة لخطاب وليد مع اللاعبين.
وقال وليد في تعبير جميل، أن إفريقيا هي خبزنا، منه نأكل ونقتات، ومن إفريقيا نطل على العالمية، ولا عذر لنا إطلاقا إن نحن أطلنا العيش في جلباب غير جلباب إفريقيا، إن نحن تعالينا على قارتنا وتوهمنا أن جلبابها ضاق علينا.
وقد كانت ودية الرأس الأخضر، كحال كل المحكات الثقيلة، بدروس كثيرة وعميقة، أهمها أن الفريق الوطني الذي يعود لبيته الإفريقي، يحتاج لقوة شخصية أكبر ليحكم هذا البيت، وقوة الشخصية هي أن يتعامل مع المنافسين، على أنهم يحلمون بإسقاط هذا الفريق الذي حل رابعا في المونديال الأخير.
قوة الشخصية هي أن يكون منتخبنا حازما في تدبير المباريات، فلا يترك شيئا لا للصدفة ولا للحظ، أي أن يحول تفوقه الفردي والجماعي إلى أرقام، أي أن يفوز أولا، وأن يفوز ثانيا بالحصص التي تفرضها طبيعة النزالات، هذا ما علمتنا إياه ودية الرأس الأخضر، ولو أنه من الصعب جدا، لوجود كثير من الإكراهات، أن يكون رد الأسود من مباراة جنوب إفريقيا، إلا أننا ننتظر مشروع أجوبة على أسئلة القلق، التي تداعت يوم الإثنين الماضي بمجمع الأمير مولاي عبد الله بالرباط.
كان خوف وليد الركراكي كبيرا، من أن لا ينزل الأسود من برجهم العاجي بعد المونديال الخرافي، وهم يواجهون وديا منتخبي البرازيل وبيرو، واليوم خوفه كبير من أن يستهلك الأسود الكثير من الوقت، لكي يديروا بحكمة وصرامة البيت الإفريقي، لطالما أن الرهان الأكبر الذي يقبل عليه الفريق الوطني هو رهان المنافسة بقوة على اللقب الإفريقي.
 
• لم تعد هناك من حاجة لكي يبرر وليد الركراكي مع كل خرجة إعلامية اختياراته وحتى حريته الكاملة في بناء القرارات والإختيارات، فأي لاعب موجود اليوم في لائحة الفريق الوطني، بمن فيهم عبد الرزاق حمد الله، لا يوجد اعتباطا أو تحت الإكراه أو تبعا لإملاءات، وما أظن أن وليد كان سيسمح بهذا أو أقل منه، لأنه بقراراته نجح، وبمبادئه وفلسفة عمله تميز وتفوق، وغدا إن كتب له قيادة الفريق الوطني للتتويج باللقب الإفريقي، فسيكون ذلك بفضل أنه أسس كل الإختيارات على قناعات، لذلك لا أرى حاجة على الإطلاق، أن يتحين وليد الفرص للرد على من يعتبرون أن هذا اللاعب أو ذاك يحضر ضدا على إرادته.
 
• بشخصية البطل، وبعالمية الإبداع الجماعي قبل الفردي، توج الفريق الوطني لكرة القدم داخل القاعة بلقب كأس العرب للمنتخبات، للمرة الثالثة تواليا في إنجاز تاريخي يعجز كل وصف.
وفي المباريات الست التي لعبها أبناء العبقري هشام الدكيك للوصول إلى اللقب، بما فيها المباراة الختامية التي شهدت فوز أسود القاعة بسباعية، شاهد العرب ما أبهرهم وما جعلهم موقنين أن المنتخب المغربي في كوكب والمنتخبات العربية الأخرى في كوكب ثان، ولا مجال لتصور أن اللقب العربي الحالي كان سيذهب لمنتخب آخر غير المنتخب المغربي.
وكما كرست الكأس العربية المد الإبداعي لمنتخب صانع للمتعة بلمحاته الفنية وبسيمفونياته التكتيكية، يقوده مدرب متحكم في عقارب الإبداع، فإن المباراة النهائية أمام الأزرق الكويتي كانت صورة لذات الروح الجماعية ولذات مساحات التخيل، لنكون في النهاية أمام فريق زاده السفر نحو الدهشة..