من دور مجموعات عصبة الأبطال وكأس الكونفدرالية، عبر النهضة البركانية وحيدا، بعد أن زلت قدم الوداد في مشهد مستفز وغير متوقع، وهو يحتل المركز الثالث في مجموعته، مبتئسا بمسار كارثي، وما عاد لكرة القدم المغربية التي دخلت النسخة الحالية للمسابقتين القاريتين بأربعة سفراء معتمدين بالخبرة والتجربة والطموح، سوى ممثل وحيد هو فارس البرتقال الذي يواصل السفر في مسابقته المفضلة، كأس الكونفدرالية التي تحصل على لقبها في مناسبتين (2020 و2022).
ولئن عتبنا على الجيش الملكي والفتح الرياضي خروجهما المتسرع من الأدوار الأولى لعصبة الأبطال وكأس الكونفدرالية، فإننا نرفع العتاب والحسرة واللوم درجات، بعد الذي حدث مع الوداد الرياضي، الذي أعطانا الإقتناع كاملا بوصوله لنهائي النسخة الأولى السوبر الإفريقي الذي خسره بفارق الأهداف في مباراتي الذهاب والإياب أمام البطل ماميلودي صن داونز، فوجدناه ينهار بشكل مستفز للمشاعر وللمرجعية التاريخية في دور المجموعات، إذ أنهى الجولات الست برصيد هو الأضعف له في السنوات التسع الأخيرة، تسع نقاط من ثلاثة انتصارات وثلاث هزائم.
بالقطع، الوداد الرياضي ليس اليوم سوى صورة طبق الأصل من المآسي التي تحيط به، ما حدث لرئيسه سعيد الناصيري الموجود حاليا رهن الإعتقال، وما تداعى بعد ذلك من أزمات على أكثر من صعيد نتيجة لما عاش عليه الفريق لسنوات وهو يوجد تحت السيطرة وفي القبضة الحديدية لرئيسه، ولعل أكثر شيء إفتضح، الهشاشة التي يوجد عليها الفريق والتي لا يختلف فيها عن كثير من الأندية الوطنية، وهي تعجز حتى الآن أن تتحول لمؤسسات، يمر منها الأشخاص وتبقى هي شامخة كالجبال.
ولئن كان الوداد الرياضي، وهو يفشل لأول مرة، خلال النسخ التسع الأخيرة لعصبة الأبطال، في عبور دور المجموعات، لا يمكن أن يلوم إلا نفسه، ولا يجني إلا ما زرعته يداه، ولا يندم عند سقوطه السمج، على شيء سوى خروجه المائل من أول جولة لدور المجموعات وهو ينهزم هنا بالمغرب أمام فريق مغمور إسمه جوانينغ غالاكسي البوتسواني، فإن هناك في قلب الضارة نافعة يمكن أن تؤسس لحاضر جديد للوداد، حاضر قد لا يتأثر حتى لو خرج الفريق من موسمه هذا خالي الوفاض، كما حدث الموسم الماضي، إن كان البناء المؤسسي الجديد يرمي فعلا لإيقاف صرح الوداد على دعائم قوية، يكون فيه العمل جماعيا باحترام للإختصاصات والمرجعيات ولزوميات التدبير الإحترافي، وفي هذا يجب على كل أطياف العائلة الودادية أن تنهض بمسؤولياتها باحتكام كامل لضوابط الحكامة الجديدة، التي تفرض الشفافية وعدم الترامي على اختصاصات الغير.
ولأننا لا نريد للريادة المغربية إفريقيا على مستوى النوادي، أن تضمحل بهكذا شكل، وقد وظفت إمكانيات كبيرة لبلوغها هذه الريادة، فإن هناك أملا في أن ينقذ نهضة بركان ماء الوجه، بأن يقبض على لقب النسخة الحالية لكأس الكونفدرالية ولو في وجود منافسين أقوياء، طموحين ومتحفزين، كما أن هناك حاجة ماسة لأن تعيد الأندية الوطنية حساباتها عند تجهيزها للسفر الإفريقي في النسخ القادمة، بأن تدرك أن للسفر جوازات مرور كثيرة، أبرزها أن يتمتع الجميع بروح الأبطال، وأن تكون هذه الأندية، التي ستمنح لاحقا تأشيرة العبور لعصبة الأبطال ولكأس الكونفدرالية في أتم جاهزية بشريا وتقنيا وتكتيكيا وذهنيا، فلا تجعلنا دائما نقف متباكين عند حائط الإقصاء.