ما كان حديثا يشكك الكثيرون في صدقيته، وقد أنبأنا بأن الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم تعيش على إيقاع بركان سيغير الكثير من المعالم، أصبح حقيقة معاشة وقد أفضت اجتماعات الكاف بأديس أبابا إلى مقدمات فعلية لزلزال عنيف سيضرب المؤسسة الوصية على كرة القدم الإفريقية.

وبعيدا عن لغة التربيطات وتصميم مناطق النفوذ التي تتحكم بقوة في جغرافيا الإشتغال، فإن ما بلغته الكونفدرالية من مستويات متدنية في فرض الشخصية وإسماع صوت الحكمة وإقرار حكامة التدبير والتساهل المقيت مع عديد التجاوزات والتنطعات، بات يفرض مقاربة جديدة، ومن يقول مقاربة جديدة يقول قيادة جديدة.

ولأن الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم مقبلة شهر مارس القادم على انعطافة كبيرة، إذ أن تحديد المواقع وإعادة صياغة تضاريس المؤسسة، يفرضان تحركات قوية من كل الأطراف التي تسعى للبقاء في الصفوف الأمامية داخل غرفة القيادة، وفي ذلك كانت أديس أبابا محطة أولى لهذا التجاذب الكبير الذي تستوجبه المرحلة حفاظا على التوازنات ومحاولة من دول القارة لإيجاد فريق عمل جديد، ينقل الكاف لمستويات أرفع في الإدارة وتدبير الأحداث ومحاكاة الكونفدراليات القارية الأخرى.

ولئن كان هناك شبه إجماع على أن الظن خاب مجددا في الجنوب إفريقي باتريس موتسيبي لتنظيف البيت الداخلي للكاف، ومعه شبه إجماع على إيجاد قائد جديد، تتطلع اتحادات شمال القارة إلى أن يكون منها، بعد أن ابتعد منصب الرئاسة عنها زمنا طويلا، والأصابع هنا تشير بالتأكيد للمصري هاني أبوريدة، فإن الوصاية المنظورة وحتى الخفية لرئيس الفيفا جياني إينفانتينو، على الكاف، ستكون حاسمة في إدارة الشأن الإنتخابي، إما بتعزيز حظوظ موتسيبي الراغب في ولاية ثانية، يريدها لتكون مساحة زمنية ينجز خلالها ما استعصى عليه في ولايته الثانية، وإما بالبحث عن بديل له، يتحقق في شخصه وفي محيطه ما لم يتحقق في الميلياردير الجنوب إفريقي.

لذلك ستكون الجمعية العمومية الإنتخابية للكاف شهر مارس القادم بالقاهرة، مرحلة مفصلية في بناء هياكل الكاف لفترة ولائية ستكون خلالها أنظار العالم مصوبة لإفريقيا، والمغرب يستعد لاستضافة خمس نسخ لكأس العالم للسيدات أقل من 17 سنة، وعلى الخصوص كأس العالم 2030 الذي سيحتفي بمائوية المونديال، إذ الأمر لا يتوقف فقط على انتخاب رئيس جديد، ولكن أيضا انتخاب أعضاء المكتب التنفيذي، وبخاصة تعيين الأعضاء الأفارقة الستة وضمنهم طبعا الرئيس الجديد لعضوية مجلس الفيفا، وتأكيدا لمفصلية المرحلة التي يتم الإشتغال على كافة تفاصيلها في الكواليس، فإن التصويت على إلغاء شرط السن (70 سنة فما فوق) في الإنتخابات، وعلى إلغاء التوزيع اللغوي عند اختيار ممثلي إفريقيا في مجلس الفيفا، ينبئ بأمرين إثنين، أولهما فسح الطريق أمام المصري هاني أبوريدة (71 سنة) للترشح لمنصب رئيس الكاف، وثانيهما تمكين عدد أكبر من الأعضاء المنتسبين لشمال إفريقيا للمنافسة على عضوية مجلس الفيفا، وليست هناك من رسالة أبلغ وأقوى توجه لموتسيبي، سوى أن اتحاد شمال إفريقيا قد أمسك بالخيط والقرار، وأن التغيير هو أجمل اختيار.