كنت قد انتهيت من مشاهدة مباراة ريال مدريد وأوساسونا عن البطولة الإسبانية، وقد جاءها الفريق الملكي مسحوبا على غضب ساطع بعد السقطتين الموجعتين في كلاسيكو لاليغا أمام برشلونة وفي عصبة أبطال أوروبا أمام الميلان، عندما تلتها مباشرة مباراة فياريال وألافيس التي وضعت في المواجهة الدوليين المغربيين، عبد الكبير عبقار وإلياس أخوماش، وكان الرابط بين المباراتين مشاهد السقوط الحزين لأربعة لاعبين بسبب تدمر الرباط الصليبي، وبسبب الوهن الذي أصاب العضلات.

في مباراة الريال وأوساسونا، لم يغط فوز الملكي برباعية نظيفة، على إعصار الإصابة الذي ضرب تواليا البرازيليين ميليتاو ورودريغو والإسباني لوكاس فاسكيز، ولعل أخطرها كانت إصابة ميليتاو بقطع كامل في الرباط الصليبي، هو الثاني الذي يحدث له في أقل من ثلاث سنوات، وقد أذن هذا التمزق الكامل للرباط بنهاية الموسم الكروي للاعب البرازيلي، الذي يضع ريال مدريد في ورطة حقيقة، إذ أن مدافعه الأوسط دافيد ألابا الذي أصيب هو الآخر بتمزق كامل للرباط، لم ينجح حتى الآن في العودة للملاعب، بل إن ريال مدريد ينفرد بين كل الأندية في أنه فقد أربعة من لاعبيه (ميليتاو، ألابا، كورتوا وكاربخال) بسبب الرباط الملعون.

إلى مباراة الغواصات الصفراء عند مواجهتها لألافيس، أخذنا إليه الحماس الكبير الذي ظهر على المغربي الصغير إلياس أخوماش، حماس هو امتداد للحالة النفسية الرائعة التي يوجد عليها الجناح الطائر، وقد غدا من ثوابت نادي فياريال، وكسب في ذلك صراع الرسمية مع لاعبين آخرين.

وطبعا ما شاهدناه من إلياس في الشوط الأول من تلك المباراة، أخبرنا بالطفرة الرائعة التي حدثت على المستوى المهاري لخريج لاماسيا برشلونة، والتي ستثمر شيئا رائعا في الدقيقة 38، عندما تسلم إلياس كرة من الجهة اليمنى، استدار قليلا وسدد في الزاوية البعيدة لحارس مرمى ألافيس موقعا الهدف الأول للغواصات، الهدف الأول لأخوماش هذا الموسم، والذي سيصبح الأخير له هذا الموسم، فرح يعقبه حزن وإشراقة يعقبها أفول.

ثلاث دقائق فقط، بعد توقيعه لهدفه الأول، سيتسلم أخوماش كرة في الرواق الأيمن، حاول التلاعب بمدافع من ألافيس، خانته ركبته اليمنى في ضبط التوازن، ثم سقط، وأبدا لم ينهض بعدها، فقد ظل إلياس متكوما في انتظار دخول الطاقم الطبي، ولن يغادر الملعب إلا على نقالة، ملامح حزينة وعينان باكيتان ونفسية مدمرة، وما سيتأكد بعد ذلك عند الخضوع للفحص الدقيق، هو ما تخوفنا منه جميعا، أن يكون الذي تصدع هو الرباط الصليبي للركبة، فقد جاء الفحص بالرنين، ليقول أن الرباط الصليبي للركبة اليمنى لإلياس أخوماش تمزق بالكامل، ومعه حدث تمزق في الرباط الداخلي للركبة، والإفادة الطبية لهذه النوعية من الإصابات البليغة، تقول بأن موسم إلياس إنتهى، لأن التعافي من هذا القطع في الرباط يحتاج بعد الجراحة لما يقارب ثمانية أشهر من العلاج.

في يوم واحد تقطع الرباط الصليبي لأخوماش وللاعب ريال مدريد ميليتاو، وقبلهما سقط العديد من اللاعبين، إمام بسبب تمزق الرباط وإما بسبب إصابات عضلية عميقة، كالتي أبعدت لأكثر من شهر إبراهيم دياز عن الفريق الوطني وعن نادي ريال مدريد، ولا تبرير لهذا التهاوي والسقوط المتكرر للاعبين الذين يحصلون على أرقى برامج التأهيل البدني والمصاحبة الطبية، سوى العدد المهول من المباريات التي يجريها اللاعبون كل موسم، ويؤدون ثمن ذلك غاليا من أن أجسادهم وعضلاتهم قبل ذهنياتهم، تطلق العديد من صرخات الإستغاثة ولا حياة لمن تنادي.