إذا ما عرفنا، لإبداء كثير من لاعبي الرجاء الرياضي الرغبة في النزول من السفينة الخضراء، وشد الرحال صوب ليبيا سببا، ويكمن في حالة الإحتقان الكبيرة التي تسبب فيها بعض المتطرفين في حبهم للرجاء العالمي، وهم يرشقون اللاعبين وحتى المسيرين بالوعيد والتهديد والتجريم، نرى أن هذا التدافع نحو البطولة الليبية من قبل لاعبينا، لا يمكن أن يفسر سوى بشيء واحد، هو الهشاشة التي تضرب البطولة الإحترافية، وكل مشاهد البؤس التي تصدرها بعض الأندية الواقعة تحت ضغط مديونية مالية ثقيلة.
لا أحد يجادل في أن أصحاب العقود من لاعبين ومدربين، أصبحوا محميين، من قبل الجامعة أولا ومن قبل الفيفا ثانيا، وأي فسخ للعقود من جانب واحد، وأي تماطل في سداد المستحقات المالية المنصوص عليها في هذه العقود، يجعل اللاعبين في حل من أي إلتزام، لكن أن يصل التصدع المالي للأندية، إلى حد أن تكون هناك هجرة جماعية شرقا، نحو ليبيا ونحو بطولات شرق أوسطية، فهذا مؤشر سلبي، ودليل جديد على أن الإحتراف سلوكا وعقلية وأن الشركات الرياضية تسيران لغاية الأسف بالأندية الوطنية في الإتجاه المعاكس.
صحوة الأندية الليبية التي عاشت لسنوات تحت أنقاض الحرب الأهلية، هي ما جدد عهد ووصال البطولة الليبية مع لاعبي البطولة الوطنية، وهو ما ستنتفع منه أنديتنا الوطنية لا محالة، ومبالغ مالية مهمة، لقاء هذه التعاقدات، تحول إلى حساباتها «الجافة»، لكن أليس ذلك دليلا على أن بطولتنا وهي تعيش عقدها الثاني في جلباب الإحتراف، لا تستطيع حتى أن تبقي على لاعبين ربما احتاجوا فقط لانتظام أداء مستحقاتهم المالية، ليظلوا هنا بوطنهم وسط عائلاتهم.
كان الأمل كبيرا لدى الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، في أن تتمنع الأندية الوطنية ضد هذه الهشاشة الرياضية والمالية، أن تتحصن ضد النوبات الإقتصادية القوية، أن تتبث القواعد فلا تفتك بها المديونية وترى نفسها زبونا دائما في محاكم الخلافات والنزاعات، تصدر ضدها الأحكام بعد الأحكام، ويكون من نتيجة ذلك، أن اللاعبين كلما أبصروا في مكان ما ومضة نور سارعوا نحوها، طلبا للخلاص ومنجاة من التردد دائما على أروقة الجامعة طلبا للإنصاف والتعويض.
هناك حاجة لأن تقف الجامعة والأندية على هذه الحقائق المؤلمة كلها، ليكون التصدي جماعيا لهذا النزيف الذي يهدد الأندية، حتى تلك التي تتمنع عادة بمرجعياتها التاريخية وقواعدها الجماهيرية، فالسكوت على هذه الإنزلاقات الخطيرة، سيزيد الأندية فقرا، وسيفرغ البطولة الوطنية من نجومها، وعندها لن يكون هناك من جاذبية تستطيع بها البطولة أن تسوق منتوجها.