برونزية أولمبياد باريس كإنجاز خالد ومثير للناخب الوطني طارق السكتيوي، دونناها في أرشيف الكرة المغربية من ضمن الإنجازات العظيمة التي حققتها المنتخبات والأندية الوطنية بجل أصنافها خلال تسع سنوات الأخيرة، وصل حد 20 لقبا لها في أرقى التحديات، واليوم يعود طارق بمطارق النصر الجديد من كينيا صانعا مجدا جديدا للكرة الوطنية بمنتخبها للشان، وحاملا القلادة الذهبية، والكأس الغالية لثالث مرة في تاريخ هذه المسابقة، وإن كان وزن هذه المسابقة خفيفا في سياقات الكؤوس القارية الكبرى لكون كأس إفريقيا للأمم التي ستجرى الشتاء المقبل هي أثقل في ميزان الإحتراف، وجل المنتخبات القارية محترفة في أرقى البطولات الأوروبية، وهناك فارق كبير بين الشـان والكان في القيمة المالية، والشهرة والقوة والنجوم وغيرها ممن يضع الشـان في مثقال الكان. ومع ذلك، فإن ما حققه طارق السكتيوي يعتبر صناعة لتاريخ جديد أقدم عليه الرجل في أسبوع  واحد لتجميع المنتخب قبل التوجه إلى كينيا. لكن الخلاصة أن الرجل نجح في التواصل والعلاقة مع اللاعبين من واقع الأسرة الواحدة حتى في أصعب اللحظات التي مر منها المنتخب في التظاهرة على مستوى الإصابات والمشاكل الدفاعية، وهي نفس العلاقة التي ارتبط وليد الركراكي مع الأسود في مونديال قطر ولو أن الرهان الإفريقي مازال موضوع عقدة لم يفكها المنتخب المغربي منذ 1976. 
وطارق البطل اليوم الذي حقق المراد كمدرب كبير في الأفق بعد أن احتضن كأس إفريقيا كلاعب مع رشيد الطوسي، مدعو في التاريخ القريب لمعانقة كأس العرب كخطوة أخرى في مجال سيادة الهيبة المغربية على الملاعب الإفريقية، أعرفه شخصيا من مجد أسرة فاسية تعرفت عليها لسنين طويلة من شهامة الخلق وطيبة النفس وحلاوة الكرم من عبد الهادي ولطفي وطارق وأبويهم جميعا، وهم اليوم من عبد الهادي وطارق يجسدان كتابا مفتوحا للكرة المغربية في أرقى تجلياته. ولعل في بركة الوالدين وطاقية البركة التي ارتداها طارق بعد نهاية النهائي وقال عن عمرها 60 عاما، وكان يرتديها والده المرحوم برحمة الله الواسعة، تعتبر أكبر تجسيد حقيقي لرضا الوالدين، ويراها طاقية بركة الوالد وروح الوالد، ويعيش معه هذه اللحظة محمولا في قلبه وروحه ورأسه، ولن اسميها إلا طاقية الكرماء، وتراث الأخلاق، لأن والدي رحمه الله أيضا من جيل 60 عاما الماضية، كان يحمل على رأسه طاقية الوقار. وشكرا لطارق لأنه منحنا تجديد الحب بالوالدين رحمهما الله، ولكنه أحدث مفاجأة الشـان بهذه الطاقية المخفية في حضن البركة بأفضل إهداء. وأن يحتفظ طارق لطاقية والده الراحل وعمرها 60 عاما مع أن ارتداءها بأجمل صورة، فهو دليل على أن الذكرى لا تموت ولن تموت أبدا مع روح الفقيد. ولعل سر رضا الوالدين كان له تأثيره الكبير في تشكيل ملحمة كبرى أبدع فيها طارق بالأداء والروح القتالية، والرغبة في الفوز مع توهج كل مكونات المنتخب الوطني. ولعل صور التقبيل المفرطة لعناصر المنتخب الوطني لطارق ونفس التجسيد العلائقي بين طارق ولاعبيه يعتبر جسرا كبيرا في ترسيخ ثقافة التواصل النفسي والمعنوي والذهني. وهذا هو سر النجاح المغربي.
إلى هنا إكتمل الفصل الأول من الملحمة المغربية الرائعة لأسود الشأن الذين إمتعونا بسحر أدائهم وكرتهم المنسابة، ولن أتحدث عن لاعب واحد أو أثنين أو أكثر لأن فيهم من هو قابل للإحتراف الأوروبي، بل جل من قطع الأشواط وسمع إسمه بقوة عليه أن يحترف بذكاء  لا بسذاجة التوجه إلى الخليج لأنهم يملكون أرجلا أوروبية وموهوبون، وقادرون على إحراج وليد الركراكي المفترض اليوم أن يتفاعل مع هذا الإنجاز التاريخي، وأن يفكر مليا كيف لهذه الكأس القارية ان تبقى في المغرب بالقوة والرجولة والموت على اللقب .. هذا ما نريده ، وهو يعلم جيدا ان اللقب الذي يجتهد على احتضانه المغاربة، عليه أن يموت على تحضيره نفسيا ومعنويا وذهنيا وإرادة وتواصلا مع كل الفرقاء دون انانية واستشارة ..وما خاب من استشار.
شكرا لطارق كل المطارق وشكرا لطاقية الكرماء ورضا الوالدين.