تنتهي مباراة المغرب أمام النيجر بالخماسية البيضاء التي أعلنت أسود الأطلس، متأهلين لكأس العالم 2026، قبل جولتين من نهاية تصفيات القارة، ويذهب الأسود عند نهاية المباراة نحو الجماهير التي جاءت لتشهد الإفتتاح الرسمي للملعب الأيقونة، ليقدموا لها الشكر والعرفان، على وقفتها لاصطياد الغزلان والمرجان في يوم جميل من هذا الزمان.
وفقط ذلك، فلا الخماسية أخرجت المغاربة للشوارع، ولا التأهل للمونديال استحق من المغاربة الإحتفال، فهل يدل ذلك على وجود خصام أو احتقان؟
يوم فزنا في شهر أكتوبر من سنة 1993، على منتخب زامبيا بهدف لعبد السلام لغريسي، لنتأهل لكأس العالم للمرة الثالثة، تدافع الملايين من المغاربة احتفاء بحدث الوصول للمونديال، وتكرر الأمر يوم هزمنا منتخب غانا بهدف خالد راغيب، وتأهلنا لمونديال فرنسا 1998.
ولأن غيابنا عن كأس العالم امتد لعشرين سنة كاملة، بسبب انحراف واضح عن خط السير وجادة الصواب والعمل الإحترافي، فإن الفوز في أبيدجان على فيلة كوت ديفوار بهدفي بنعطية ودرار، وقد كان إعلانا عن تأهل الأسود لمونديال روسيا 2018، سيتحول إلى عيد، أحيته الجماهير المغربية في كل ربوع الوطن، بما يليق به من فرح وسعادة.
ومع فوز الأسود الكاسح بالرباعية على فهود الكونغو الديموقراطية، في المعبر الأخير لمونديال قطر 2022، تدافع المغاربة مجددا محتفلين بالوصول السادس من نوعه إلى مونديال قطر، الذي سيصبح في ما بعد حكاية لملحمة تاريخية، والمنتخب المغربي يتسلح بالجرأة والإبداع لكي يصل إلى مربع الأقوياء والنبغاء.
في العاشرة من مساء يوم الجمعة الماضي، ومع إطلاق صافرة النهاية لمباراة الأسود أمام النيجر بالخماسية، ستتناقل كل وسائل الإعلام العالمية خبر تأهل المغرب رسميا إلى مونديال 2026، كأول منتخب إفريقي يحقق إنجاز الترشح المبكر بالعلامة الكاملة، إلا أن المغاربة أحجموا عن الإحتفال، ليس لأنهم على خصام مع أسودهم، وليس لأنهم غير مقتنعين بالمؤدى التقني للفريق الوطني، وليس لأن العيون شاخصة لكأس إفريقيا للأمم دون سواها، ولكن لأن التأهل للمونديال في عرفهم ويقينهم بات أمرا منطقيا وعاديا.
المنطق والعادي في التأهل للمونديال، ليس سببه الأوحد، أن وجود تسعة منتخبات إفريقية في الحدث الكروي الأكبر، يختصر علينا الطريق ويجنبنا العديد من مخاطر الإقصاء، ولكن لأن المنتخب المغربي برصيده التاريخي ومرجعيته الكروية ورأسماله البشري، مكانه محجوز في القمم، فلن ترضى الكرة الإفريقية بعد الذي كان في مونديال قطر، ألا يحمل أسود الأطلس أحد مشاعل النور الإفريقية لإضاءة مونديال الأمريكيتين.
لذلك أصبح الإحتفال بما سيكون من إبهار في المونديال، لا بالتأهل إلى المونديال.