ما تركتنا الأحداث المتلاحقة ومنتخباتنا الوطنية أصبحت لازمة قوية للبطولات والكؤس العالمية، نطيل الوقوف عند حدث تتويج منتخبنا الوطني بطلا للعالم لفئة أقل من 20 سنة، وهو بالتأكيد، تاريخي واستثنائي في مشهدنا الكروي الوطني، فقد كان من الضروري أن نطوي الصفحة وقد ترسخت أحرفها وصورها في الذاكرة، لنتوجه إلى ما هو قادم، وما هو قادم وآت، دخول المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة نهائيات كأس العالم التي تستضيفها قطر بدء من يوم الإثنين القادم.
دخول ناشئينا للمحفل الكروي العالمي، الذي يتنافس فيه لأول مرة، 48 منتخبا من قارات العالم، هو من ثلاثة أبعاد، أولهم أن منتخب الناشئين يحضر هذه النسخة من كأس العالم، وقد بلغ خلال النسخة التي سبقتها بأندونيسيا الدور ربع النهائي، وكان الخروج من هذا الدور بعد الخسارة من منتخب مالي بهدف للاشيء.
ثاني هذه الأبعاد، أن صغار الأسود يطوقون بمسؤولية النسج على منوال منتخب الشباب الذي أبهر العالم بالوقوف شامخا على قمة الهرم، وفي ذلك هم واقعون تحت ضغط إيجابي يعزز ثقتهم بأنفسهم ويضعهم أمام شساعة التخيل والحلم.
وثالث أبعاد هذا الدخول، أن كل المنتخبات التي تقف على خط الإنطلاق، ستعامل المنتخب المغربي، على أنه مرشح قوي للمنافسة على اللقب، وستضعه على ذات الخط مع المنتخبات التي تعودت على ألقاب هذه الفئة العمرية، وفي مقدمتها منتخب البرازيل صاحب الأربعة ألقاب، وكما أن هذا الحرص المعبر عنه سيخدم منتخبنا الوطني، فإنه سيلقى عليه لمسة أخرى من الضغط.
وعلى غرار أشبال الأطلس الذين كان مبتدأ رحلتهم إلى المجد، خروجهم متصدرين لمجموعة الموت، بعد الفوز في أول مباراتين على منتخبي إسبانيا والبرازيل، فإن ناشئينا سيستهلون رحلة الألف ميل في مونديال قطر، بمواجهة منتخبين قويين، كلاهما بطل لقارته، البرتغال بطل النسخة الأخيرة لأوروبا، واليابان بطل أسيا للنسخة قبل الأخيرة، وخروج منتخب الناشئين متصدرا للمجموعة الثانية التي تضم أيضا منتخب كاليدونيا الجديدة، وهو آخر من سنواجههم في دور المجموعات، سيرسم بلا شك معالم الطريق لتحقيق أفضل من الدور ربع النهائي الذي تحقق للجيل السابق من الأشبال في دورة أندونيسيا، وطبعا بينهم من حقق اللقب العالمي مع منتخب أقل من 20 سنة.
ولأن الرياح المغربية تهب اليوم منعشة على العالم كله، وقد غدت كرة القدم المغربية، تتوسط بمنتخباتها عقد العمالقة في العالم، فإننا نتطلع لأن يصل ناشئونا بقيادة مدربهم الرائع نبيل باها، إلى مستويات عالية جدا في الثقة بالقدرات، ليوقعوا على مونديال تاريخي، في دوحة ما زال صدى الإنجاز التاريخي لأسود الأطلس يتردد فيها، لا نسألهم في ذلك مستحيلا، لأن كبراءهم أكدوا للعالم أن المستحيل ليس مغربيا، ولكن نسألهم الإتزان والجرأة والشجاعة الجماعية لكسب أول رهان، رهان عبور دور المجموعات برصيد مضاعف من الثقة، وما ذلك عليهم بعزيز.
بالتوفيق لأبنائنا، فيما هم مقبلون عليه، فهم يتمتعون فرديا وجماعيا بما يؤهلهم ليربطوا الحاضر المشبع بالآمال مع أمس قريب جاءنا ببينة أن المغرب كسر السقف الزجاجي وأشباله يصبحون أبطالا للعالم.