هي نافذة دولية أخيرة يطل من خلالها أسود الأطلس على كأس إفريقيا للأمم في نسختها الخامسة والثلاثين، التي تنطلق بعد 38 يوما، ولا يبدو أن مختبرات التجريب والكشف عن المواجع ستظل مفتوحة، لأن ما يجب أن ينهي به أسود الأطلس وديتي موزمبيق وأوغندا، إستقرار على التشكيل، واطمئنان على درجة الجاهزية، وثقة عالية ترسل على الفور للجماهير، تزيل عنها كل غشاوات الخوف التي استقرت فوق العيون بعد آخر مواجهتين أمام البحرين والكونغو.
ستقولون، وكيف لا يكون هناك مجال للتجريب، وما فرضته الطوارئ، أن يلعب الفريق الوطني مباراتيه المدرجتين ضمن نافذة نونبر الدولية، من دون أكبر ركيزتين، ومن دون أقوى رافعتين للمنظومة الدفاعية، العميد أشرف حكيمي وقلب الدفاع نايف أكرد، وقد أنبأتنا مباراتيهما مع باريس سان جيرمان ومارسيليا بأسوأ ما يمكن أن تسوقه لنا الظروف من إصابات في توقيتات حرجة جدا.
طبعا يهمنا أن نعرف، مقدار ما اشتغل عليه وليد لتجهيز رجال الطوارئ، لهكذا حالات مستجدة، بالرغم من مرارتها وحتى قسوتها، هو من أخبره حدسه بأن دفاع الفريق الوطني المنكسرة أجنحته والمعتل وسطه، يحتاج لرجل يعيد له الأمان، فأعاد العميد رومان سايس، ومن يحضر كقلوب الدفاع في اللائحة المعلنة من وليد، نايف أكرد الذي ستخرجه إصابة العانة من الوديتين معا، على أمل أن تتلاشى هذه الإصابة في غضون أيام، وأدم ماسينا الذي تأكدت أساسيته مع الأسود في آخر أربع مباريات، لكن لسوء الطالع أنه منذ العودة من آخر مباراتين للفريق الوطني، فقد كليا مكانه في التشكيل الأساسي لفريقه طورينو.
بالطبع عندما يغيب العميد أشرف حكيمي، إضطراريا بفعل الإلتواء الحاد في الكاحل، والذي لا نرجو أن يطيل بقاءه خارج الملاعب، فإن أول من يراه وليد جديرا بشغل هذا الرواق المؤثر في منظومة لعب الأسود، هو نصير مزراوي، الذي يعيش بدوره حالة من المواجهة الشرسة مع لعنة الإصابات، لتترك الجهة اليسرى سجالا يتنافس فيه بلعمري ومن بعده طبعا الوافد الجديد أنس صلاح الدين الظهير الأيسر لأيندهوفن الهولندي.
ولأن الدفاع بكل مفاصله وأضلعه، كان وما يزال الورش المفتوح على التقليب قبل التجريب، فإن وليد مطالب بأن يجعل كل من يطل من شرفة الوديتين على كأس إفريقيا للأمم، مقتنعا بأن الأساسات الخاصة بأسلوب المناورة والإغارة في رحلة البحث عن اللقب الإفريقي، قد اكتملت، لا نقصد بذلك ثوابت التشكيل التي بتنا نحفظها عن ظهر قلب، ولا شكل الشاكلة ومتغيراتها التي تحددت معالمها، ولكن على الخصوص درجة السعار التي بلغها الأسود قبل الكان، السعار الذي يسقط الجدارات الدفاعية ويذيب الكتل المنخفضة التي بها ستواجهنا أغلب المنتخبات الإفريقية، والحال أن ما قدمناه تواليا أمام البحرين والكونغو، جدد معاناتنا مع منتخبات الكتلة المنخفضة.
نحتاج في ودية موزمبيق هذا الجمعة، لفريق وطني يلعب بذات الأسلوب الذي سيواجه به جزر القمر في بداية السفر الإفريقي، هجوم ضاغط، يحول الإستحواذ إلى جرارات تحطم الحافلات الدفاعية للمنافس، ويجعل من كل جملة هجومية ومضة نور ترهب المنافس، وأعتقد أن الفريق الوطني يملك من العناصر ما يستطيع به أن يهيج جلد أفاعي موزمبيق فيتبخر في الهواء سمها.
ما نرجوه، والنوافذ التجريبية ستغلق بعد وديتي موزمبيق وأوغندا، أن يرفع الفريق الوطني عنا كل الغشاوات ويعطينا من جرعات الإطمئنان ما يكفينا لنقبل على الكان، بلا وجل ولا كدر.