أمام منتخب من عيار أثقل، ومراس أقوى من منتخب موزمبيق، جاءنا أسود الأطلس بأجوبة أولى على أسئلة المرحلة، فقد كان في ثنايا الفوز برباعية على أوغندا، ما يوطن في قلوبنا بعض الإطمئنان، وما يدل على أن للفريق الوطني وجها لامعا وقويا يمكن أن يأتي به في اللحظة الحاسمة.
قدم الفريق الوطني إذا مؤشرات وإشارات تعزز رصيد الثقة، وتجاوز بنا قليلا حالة الإرتجاج التي كان عليه أداؤه في آخر ثلاث مباريات، حيث كان الفوز مفتقدا لدوافع وموجبات الإطمئنان.
كما توقعت، ومن عادتي ألا آخذ بكلام وليد الركراكي وهو في معترك تشتعل فيه العواطف، فلم تكن من التغييرات التي أحدثها لمواجهة أوغندا، قياسا بالتشكيل الذي واجه موزمبيق، إلا ما هدف لتحسين النجاعة الهجومية، بأن رسَّم إكمان وصيباري في محوري الهجوم، وأبقى على الخطوط الثلاثة الأخرى من دون تغيير، لمزيد من الإنسجام بين مكونات كل خط من هذه الخطوط.
وطبعا، في ودية أوغندا، وقد كانت أقوى مما سبقها، والدال على ذلك ما قالته الأرقام وما كشفته العين المجردة، أشعرنا الفريق الوطني أنه تحسس قيمة الزمن المتبقي، وهو الذي بات يطل على كأس إفريقيا للأمم، فقدم وصل الأمان، بأن طرد عن الأداء ما كان به من رتابة وعالج ما كان بالنجاعة من إختلال، وأشعرنا أيضا أنه متفهم لحالة القلق التي ضربتنا جميعا بعد الذي شاهدناه في آخر ثلاث مباريات، والفريق الوطني واقع تحت حالة مخيفة من الإحتباس.
هذا الشعور بقيمة الزمن الفاصل عن اللحظة الصفر، والتقدير الكامل لمشاعر جمهور يعيش على نارين، نار الأمل ونار الشك، هو ما جسدته ودية أوغندا، ووليد الركراكي، يدفع أسوده لإطلاق زئير يهز المكان ويوطن في قلوبنا الإطمئنان، فجاءت المباراة كما تمنيناها، ليس القصد أنها كانت منتهى ما كنا نطمح إليه، ولكنها قالت بمطلق الأمانة أن فريقنا الوطني بما يملك من فرديات وخيارات لا يمكنه أبدا أن يلعب ضدا على طبيعته.
شعر كل من تواجدوا على أرضية الملعب بجسامة المسؤولية، فصمموا لآخر ودية يلعبونها في آخر تجمع إعدادي لهم، الأداء الجماعي المتحلل نسبيا من الرداءة، الأداء الذي يمكن أن يدل الفريق الوطني على طريق اللقب.
كانت ودية أوغندا، نهاية لآخر العقد التي طلب من وليد فكها، بالفوز على الرافعات، وكانت أيضا مناسبة لتحقيق الفوز الثامن عشر تواليا، كما كانت المباراة الثامنة التي ينهيها الأسود بشباك نظيفة، وكانت المباراة التي ستشهد الهدف الدولي الأول لنائل العيناوي، وكانت الودية التي أعادت للفريق الوطني الفوز بالحصص الكبيرة.
وغير هذه العصافير التي سقطت عند مواجهة الرافعات الأوغندية، أكدت الودية أن الفريق الوطني بات جاهزا للإستحقاق القاري، وكم ستكون الأيام القادمة عسيرة على وليد الركراكي، ليس فقط لأنه سيدعى لرسم خارطة الطريق نحو حلم اللقب بأدغاله وعجائبه، ولكن لأنه سيكون قبل ذلك مطالبا بتجهيز كوماندو السفر، وما أصعبها من مهمة.