وصلتني رسائل كثيرة من أوفياء جريدة المنتخب تحمل في طياتها الكثير من الصدق والحرص والمتابعة الرائعة لكل التفاصيل الدقيقة تحليلا كان أو خبرا أو رأيا حصيفا يجسد الإختلاف الرائع لرواد الجريدة ، وبقدر ما كان مفعول الرسائل يصب في اتجاه مناقشة الشكل والهيكل الخاص بالمنتخب المغربي من خلال وقائع التأهل، بقدر ما راقني مشهد ما دأبت عليه جريدة المنتخب كرائدة في استقطاب مغاربة أوروبا منذ أكثر من خمسة وعشرين سنة  بمواكبة حقيقية واستماتة تقنية في جس نبض المحترفين حوارا ومساءلة وتقربا من الوطن وغيرة على حمل القميص الوطني، وأقواها ترسيخا ذلك الذي كنا نرسمه في خريطة التواجد الإعلامي في الدول التي ينشط فيها أكثر الوجوه المكونة والمحترفة بالتدرج المتصاعد للهوية في أقوى وكبريات الأندية العالمية، وهذا ما جعل المنتخب كصحيفة مغربية وعربية رائدة يعتد بها في كثير من المنابر الإعلامية المكتوبة والمرئية والمسموعة كمرجع أسبوعي قبل أن يكون لبعض القنوات برامج خاصة عن أسود المهجر من قالب الإحترافية التي جسدناها في واقع الإعلام، ولذلك نعتز كثيرا بهذه الأهلية التي تمتعنا بها احترافيا من نبلاء القراء الذين كانوا وما يزالون أوفياء للمنتخب بأقلامها التحريرية الهادفة، وسنواصل الرحلة تسلسليا مع الأجيال المتعاقبة سواء كانوا قراء أو صحفيين في مواكبة للقضايا الساخنة ومنها على الخصوص المنتخب الوطني.
وقد يكون للتأهل المغربي المبكر لكأس إفريقيا نبرته الحسية لدى المغاربة  من خلال تحقيق إنجاز نفسي وليس إنجازا للتأهل ، لكن الأهم من ذلك اعتدنا كثيرا أن نغني لهذه الشكلية مع أن الواقع الحقيقي أن ما وصل إليه الفريق الوطني في 2004 كان هو الإنجاز المثير والأقرب إلى العظمة الحسية مقارنة مع أول لقب عظيم لرواد الزمن الجميل عام 1976، والمقصود بذلك أن صراع المنتخبات الوطنية عبر التاريخ استهلمت الأحزان أكثر من الأفراح وعشنا جميعا هذه النكسات ولو أننا كنا محظوظين لمشاهدة لقب 1976 ولم يعشه من ولد في ذات السنة ويعيش اليوم على وقع النكسات، وقد يكون التأهل  اليوم من رحم المعاناة التي شدت الأنفاس في قضية تأسيس فريق وطني قام جدليا مع الزاكي ووضع نواته العامة في يد رونار كأمانة وصلت إلى الطريق المريح في ظل مشاكل واضحة على مستوى المقاربات التقنية والنفسية والذهنية لمن يشكلون اللب والجوهر للفريق الوطني.
وأجدني مع القارئ الكريم جواد الجامعي الوفي للمنتخب من خلال الطريقة التي يعالج بها اختيارات رونار لهيكل الفريق الوطني بصراحة نماذجة المؤسسة للأدوار الرئيسية في كل الخطوط التي يظل فيها النقاش موضوع الإختلاف أو التخوف، لكن عقلية القارئ عادة ما تكون ملائمة للتصورات المفروض أن تكون من باب احترام الرأي وإقناع الآخر، وكل ما وضعه السيد جواد الجامعي من خلال ورقة الإختيارات لكل الأسماء التي حضرت أمام الرأس الأخضر مع استبيان وجوه أخرى نادينا بضمها لإعطاء الإضافة أو الفرصة المواتية أبرزها يوسف توتوح نجم كوبنهاغن الدانماركي وإلياس بلحساني المقاتل بهيراقليس الهولندي ، والمدافع أدم ميسينا، وهؤلاء يمثلون الإضافة للأدوار المفترض تعزيزها في حالات الإصابة كما حدث مع بنعطية ولزعر وشفيق ، يعطي للرجل أحقية استكمال الهيكل العام للمنتخب الوطني بهذا الرقم الخاص والجامع من دون إحداث رجة أخرى ، أي بالإبقاء على 30 لاعبا إلى غاية النهائيات من خلال بناء الكثير من التصورات التي تعطي للمنتخب طابع التنوع والرد بالرد على نفس المراكز التي تشكو الفراغ مع تنوع الخطط والأوتوماتيزمات التي تجعل من الشاكلة العامة لازمة أساسية لصناعة النتيجة المفروض أن تكون منهجية مسبقة لذكاء الناخب في ظل هذه الفترة التي تفرقنا عن النهائيات والتي لا تتعدى تسعة أشهر.
والناخب رونار الذي قلنا عنه أنه اجتهد  في الخفاء مع المنتخب المغربي قبل الزاكي لأشهر قليلة، تمكن نسبيا من الوصول إلى الكاريزما  التي وضعت الأسود في درجة العلو النفسي والرغبة في الفوز كما ظهر جليا مع خط الدفاع أولا والوسط وبوصوفة خاصة والعرابي ثانيا وبعض الوجوه المضافة، وهذا الشكل الذي يعطي الإنطباع بالتفوق المعنوي للفريق الوطني لا يمكن أن يكون هو الحاقز الذي يتغنى به البعض لأن محترفي المنتخبات العالمية لا يراكمون هذه الثقافة لوحدها بقدرما يراكمون قيمة الفوز الذي يأتي بالتوجيهات التقنية والتكتيكية وانقلاب خاص في مواقع اللعب ورفع درجات الإيقاع وامتصاص أقوى نقاط الضعف للخصوم.
ورونار بحكم أنه يملك ثقافة الفوز باللقب الإفريقي من المفروض أن يكون فهم خطاب المغاربة، ولعل ذكاءه في الوصول إلى نقطة ضعف المغاربة وهي كونهم ينتشون بالأفراح المؤقتة لا غير بينما لا يدرون كيف سيتعاملون مع اللقب . وهذا الشكل من الذكاء هو ما نريده في تفاصيل المدة التي سيشتغل فيها مع المنتخب المغربي بعهد جديد نأمل فعلا أن يكون عهدا ثعلبيا.