حتى لا نعود لتداعيات الخسارة المجانية لأسود الأطلس والتي كان يفترض أن نفوز بها مثلما تحصلنا على ذلك أمام الطوغو وننام جميعا على تأهل منطقي، تأتينا عاصفة النزال الأخير أمام الكوت ديفوار في مباراة تحبس الأنفاس على كل طرف وتضعهما أمام كل الدوافع التي يتعايش معها اللاعبون تحت تأثير الضغط والنفسيات والحماس وإرادة الفوز والقراءات الإستراتيجية والمعطى الذهني كأقوى دافع لربح التحدي. ومباراة الكوت ديفوار طبعا تختلف عن الكونغو والطوغو كونها تحمل ثلاث معادلات جوهرية للطرفين أولهما فوز أو تعادل المغرب شكلا ومضمونا، وثانيهما فوز الكوت ديفوار ولا غير ذلك بحكم نقاط الترتيب العام للمجموعة، وهذه المعطيات الحسابية تضع المنتخبين أمام تحديات متباينة لكنها في الطرف الإيفواري تبدو أقوى في الوصول إلى هدف واحد ومعادلة يقاتل من أجلها كل مكونات الفريق بما فيها الناخب دوسويي ، بينما الفريق الوطني المغربي يبني مستقبل التأهل الآني على فرضيتين تتمتعان بمكاسب الفوز الثمين والهام على الطوغو، وعلى ضوئه يبقى الفوز ضامنا إما للصدارة أو المركز الثاني، والتعادل يؤهل المغرب أوتوماتيكيا. وأمام هاتين المعادلتين لا مناص من القول على أن الأسود تتوفر على قاعدتين يجب الدفاع عنها بكل صلابة وبخاصة جانب الفوز المفترض أن يتحلى به الفريق الوطني وعدم السقوط في المعادلة الثانية والمخيفة حسب إستراتيجية اللعب، ما يعني أن مؤشرات القراءة الثعلبية للمدرب رونار يجب أن تبنى على هذه الخاصية بالشكل الذي يقرصن مخطط الفيلة من الوسط الناري والهجوم الصارخ والرواق الأيمن للمدافع سيرج أوريي الذي يشكل عادة نزولا فوريا للمؤازرة والدعم، وهو نفس الرواق الذي يشكو منه حمزة منديل بعض المشاكل على مستوى إزدواجية الدور الدفاعي والهجومي معا، ما يعني أيضا أن ميشل دوسويي سيشتغل على مركز حمزة منديل وعلى إزعاج المثلث الدفاعي بالنظر إلى المشاكل التي عانى منها بنعطية رغم أنه لعب تحت تأثير الإصابة. والكوت ديفوار التي ستلعب على النار والدخان كما يقال أمامها رهان الفوز الوحيد وبكل الأوصاف التي يبدو فيها إشتغاله على الشوط الثاني كمعطى بدني صارخ مثلما كاد يحدث المفاجأة أمام الكونغو بالتبديلات التي أعطت أكلها ومنحت حتى البديل سالمون كالو قوة إضافية وثورة هجومية محضة. ولذلك سيكشف الناخب دوسوييكل أوراقه الحاسمة لتحقيق الفوز بالشكل الذي يرى فيه نواقص الأسود إن على المستوى البدني في الثلث الأخير من المباراة، أو المشاكل التي يعاني منها في الأروقة وكذا التثاقل الدفاعي إلى جانب القراءة المهمة للوسط المغربي الذي يخطئ أحيانا في التمريرات وسوء الإنسجام، وكلها عوامل حاضرة من خلال الخطة التي وضعها رونار في المبارتين السابقتين وقد تكون ايضا حاضرة بنفس الوجوه والأدوار إلا إذا رأى رونار أنه يتوجب إحداث إنقلاب إستراتيجي في الخطة من أجل تقارب اللاعبين وتحصين المواقع وجر الخصم الذي يبحث عن الفوز من أجب قلب موازينه الدفاعية. 
النزال طبعا لن يكون سهلا للغاية للأسباب التي راعينا فيها محددات القراءة الخاصة لكل طرف ولمعادلاته المطروحة، وما يهمنا هو أن يكون رونار الذي نجح في تكسير الخسارة الأولى بفوز هام على الطوغو، على دراية واسعة بالخصم الذي فاز معه باللقب الماضي، ودراية بعقلية الإفواريين ونقاط قوتهم وضعفهم، ومن أين يمكن أن يعبر مرماه وكيف يجره إلى الخسارة بالمكر الثعلبي. وأعتقد أن نقطة قوة هذا الفريق هي في مكاسب شطط الوسط (سيري دي والشيخ دوكوري وفرانك كيسي) الذي يقاتل ويبني نحو الخط الهجومي الناري (زاها وبوني ولفريد وغرادل وكودجيا ) فضلا عن نوعية التمرد الخاص بالمدافع سيرج أوريي الذي لعب كما يحلو له في أروقة الطوغو والكونغو ، وهي مؤشرات هامة تقرأ على نحو كبير من الحذر وكيفية إيقاف هذا الزحف من خلال ما يراه رونار لائقا لهذا النزال الذي سيشكل له ضربة معلم إذا أسقط البطل الإيفواري أولا وأهل المغرب في ملحمة قلما شاهدناها على هذا النحو من الإثارة، ولذلك سيلعب الأسود موقعة الرجال بتحدي الرجال ومن بوح تقني وتكتيكي مفترض أن يكون فيه رونار مدربا كبيرا بثقل كل القراءات التي تهزم الفيلة بالفوز عليهم لا بالتعادل حتى لا نصطدم بخلط الأوراق أي نلعب بالمعادلتين معا، ما يعني أن على رونار أن يقرأ المباراة من أجل الفوز ويضبط ذلك على مخيلة اللاعبين حتى ولو كان أغلب الدوليين يلعبون أول كأس قارية، لا أن يلعب على التعادل بخطة الدفاع من أجل الدفاع كمشكلة تبدو فاشلة بنسبة عالية لأنه من الصعب أن توضع أمام معادلتين وتفشل معهما على حد سواء. ولذلك الضرورة تقول بالفوز على الفيلة وبأي طريقة سيكون ذلك واضحا في الإستراتيجية، وإذا توقف نبض الفيلة في صناع الوسط والأطراف والهجوم، وقتها سنكون جميعا أمام موعد مع التاريخ وسيكون بلا شك رونار هو صاحب هذا الإنجاز في مجموعة صعبة رغم أنه هو من وضع نفسه في مطب الخسارة الأولى . 
املنا جميعا في أن نخطو الدور الأول بثقة الرجال وملاحم الرجال، وبعدها نفكر في الآتي بالصورة التي تظهر فيها الرؤى مختلفة عن سياقات دور المجموعات، ولكن لنفز جميعا مع الأسود دعما وروحا ونبلا. أما النقد الموضوعي فهو فضيلة النجاح ومن الخسارة أمام الكونغو تعلم رونار كيف يفوز على الطوغو. والبقية نرجوها ملحمة كبرى.