لم يعد مستغربا أن تُرحِّل الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم الكثير من مواعيدها الكبرى إلى المغرب، وهي في ذلك تستثمر على نحو جيد سياسة اليد الممدودة التي يسعد المغرب باتباعها مع قارة إفريقية يبني معها العمق الإستراتيجي بشكل مستحدث يثير إعجاب الجميع، بل ويصدِّر نمطا جديدا في بناء الشراكات.

خلال الأسبوع المنقضي، أعلن الكاف عن وطن لفعاليتين كان حائرا في تحديد مكان لهما، بأن أسند للمغرب تنظيم النسخة الرابعة لعصبة أبطال إفريقيا للأندية إناث، وهي المرة الثانية التي يتولى فيها المغرب تنظيم هذه المسابقة، بعد الأولى سنة 2022.

ليس هذا فقط، بل إن الكاف قررت أيضا أن تستضيف الرباط حفل جوائزها السنوية، وهي المرة الثالثة تواليا التي تبرز فيها المملكة بإخراج جميل، مفاتن هذا الحفل الذي يحتفي بالإبداع الكروي في القارة السمراء.

وهكذا غدا المغرب الوجهة المفضلة لعائلة كرة القدم الإفريقية، في احتفائها بالعديد من الفعاليات، فالمغرب يستعد لاستضافة النسخة الثالثة والثلاثين لكأس إفريقيا للأمم شهر دجنبر من العام 2025، وقبله سيستضيف للمرة الثانية تواليا نهائيات كأس إفريقيا للأمم إناث في نسختها الخامسة شهر يوليوز من العام 2025، وكل هذه الفعاليات جاءت لتزين عقدا فريدا من الإستضافات المميزة لعشرات التناظرات والإجتماعات والمباريات، في سابقة تاريخية تبرز النفوذ القوي للمغرب في منظومة الإشتغال داخل المنتظم الكروي الإفريقي.

والنفوذ هنا غير الهيمنة التي يروج لها الحاقدون والمبتئسون، فإن كان المغرب قد سعى للمنافسة على تنظيم أحداث رياضية بعينها، تحقيقا لمنفعة كروية، وإلتزاما بقواعد التنافس الشريف، وصونا لقيم الوحدة الأفريقية، فإنه ما شرع الأبواب، وما رحب بأن يلعب في أحايين كثيرة دور المنقذ، إلا لأنه إلتزم أمام الكونفدرالية الإفريقبة بأن يكون عونا لها، وملاذا لمسابقاتها الحائرة، وأكثر منه إلتزم بما كان قد قاله صاحب الجلالة الملك محمد السادس في رسالته الموجهة للمناظرة الإفريقية حول البنيات التحتية الرياضية، من أن ترسانة المركبات والملاعب الرياضية المغربية موضوعة رهن إشارة الشباب الإفريقي ليرسم فيها إبداعاته ويحقق من خلاله أحلامه.

وبرغم أن المغرب يعرف منذ قرابة السنة، إقفال جل مركباته الكبرى، لتحديثها وتحيينها لمطابقتها مع المعايير الدولية، في أفق استضافتها لكأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030، إلا أنه ظل وفيا لكل الشراكات العميقة والإستراتيجية المُفعَّلة، التي تربط الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم مع أغلب الجامعات الوطنية بإفريقيا، بدليل عدد المباريات التي يستضيفها المغرب في كل نافذة دولية لمنتخبات شقيقة، لا تستطيع حتى اليوم أن تستقبل بميدانها وأمام جماهيرها.

ولأنه نفوذ جميل ومحبب لبلد احترم على الدوام تعهداته وإلتزاماته، بخاصة مع دول القارة، وما حضرت الهيمنة المروج لها بكثير من القبح، في فعله الديبلوماسي، فإن رئيس الكاف باتريس موتسيبي لا يجد بدا في كل مرة يأتي فيها إلى المغرب ليرأس فعالية من الفعاليات المستضافة من المملكة، ليقدم الشكر الذي يستحقه المغرب لقاء أريحيته وجاهزيته، فما استضافه المغرب من فعاليات خلال عهدة موتسيبي التي شارفت على نهايتها، أكبر بكثير مما استضافته بلاده جنوب إفريقيا، حتى يصبح جائزا القول بأن لا قياس مع وجود الفارق.