لا يستطيع أن يحول محنة الرجاء إلى منحة، غير رجل من رجالاته، ولن يقدر على تحريك صخرة الأزمة المالية الثقيلة ليبصر الرجاء النور في نهاية النفق، سوى حكيم من حكمائها، ذاك أمر عرفناه منذ عقود من الزمن، عندما كان النسر الأخضر يسقط جريحا على غصن شجرة الأزمة، فلا ينهض لإسعافه سوى أوفياء وعقلاء الرجاء، فهل ما زال بينهم من تسعفه ظروفه الصحية والذهنية لكي يتصدى بالفكر الملهم لهذه المدلهمات التي ضربت الرجاء بشكل فجائي؟
بالقطع، إن صورت لأحدهم، من حماة الرجاء، أنه سيصل يوما إلى بيته، ما لم يقو على تفتيت جبل المديونية وتجاوز فراغ النتائج، ليجد كفنا وتصريحا بالوفاة، فإنه سيزداد توغلا في كهوف الصمت، يرى ويتوجع، ولكن ما به قدرة على الرمي بنفسه إلى التهلكة.

من هؤلاء الرؤساء السابقين، تحرك سعيد حسبان، متطوعا لإخراج الرجاء من نفقه المظلم، فجَّر أمام الجميع مفاجأة من العيار الثقيل، عندما قال أن في جيبه عقدا إشهاريا سيصب في خزينة الفريق مبلغا بقيمة 15 مليار سنتيم، أكان حلما أم وهما أما عصيا على الفهم؟ المهم أن سيولة كهاته، وهي قياسية بكل المقاييس، ستجعل الرجاء يقطع نهائيا مع مديونية ثقيلة، جرب حسبان نفسه، عندما جاء إلى الرجاء لأول مرة خلفا لمحمد بودريقة، أن يفتتها، لكنه عجز، وأمام قوة الإحتجاج إنسحب.

إنقسم الرجاويون أمام هذا الذي بشر به سعيد حسبان لإطفاء البركان، إلى ثلاثة، من لم يصدقه واعتبر كلامه ثرثرة فوق سفح الجرح، ومن طالبه بالحجة والبرهان، ومن قال أنه صادق فيما يقول، وأولى بالرجاويين في شدتهم هاته، أن يستمعوا للرجل وبعد ذلك يقولون فيه كلمتهم الأخيرة.

وعندما طلب حسبان من برلمان الرجاء الإنصات إليه، لم يحضر منه إلا القليل، من الذين يرغبون في معرفة تفاصيل هذا العقد الإشهاري المنقذ من الغرق المالي وكان بينهم عبد الله بيرواين الرئيس المؤقت، وإن كان الرجل قد قال أنه ليس بكاهن ولا مجنون، وأن العقد بالفعل في جيبه، ولكنه يتحفظ على التفاصيل التي لن يكشف عنها إلا وهو على رأس الرجاء من ثاني.

هذه الأزمة المالية التي استعصى على أهل الرجاء تذويبها منذ سنوات، تستحق أن تكون موضوعا لبحث إستقصائي عميق، لأنني أراها خيطا رفيعا سيوصلنا إلى حقيقة مؤلمة أن ما فكر فيه المشرع، عندما ربط دخول النادي في جلباب الإحتراف بإحداث شركة رياضية تتكامل ولا تتعارض مع الجمعية الرياضية وتبتكر حلولا واستراتيجيات لفرض الحكامة في التدبير، ما زال في مشهد البطولة الإحترافية سرابا، حتى لا أقول أنه غدى أزمة جديدة، أزمة تعارض وتنافر واقتتال بين الشركة والجمعية، وإلا لكانت هذه الشركة الرياضية هي خلاص الرجاء وغيره من الأندية والمديونة، من أزمة تقلق وتؤرق.