ما بين شك ويقين في القدرات ينقلنا أسود البطولة في مبارياتهم التي بلغ حتى الآن عددها أربع، ومنها نالوا النقاط التسع التي نقلتهم للدور ربع النهائي في وصافة المجموعة الأولى، الشك في درجة مطابقة الأحلام مع حقيقة الإمكانيات، واليقين من أن هناك روح التحدي التي تدفع الأولاد لأن يكسروا الحواجز والموانع وحتى المثبطات، لتحمل مسؤولية الدفاع عن السمعة.

عدا مباراة أنغولا التي أدارها أسود البطولة بشكل رائع، يفسره الفوز بعلامة الإستحقاق والإمتياز، فإن المباريات الثلاث أمام كينيا، زامبيا والكونغو الديموقراطية، نومتنا على كوابس وأيقظتنا على أماني تطلع من حرائق الإنتظار، وذاك المشهد الغريب بمتناقضاته، تدل عليه ملامح طارق السكتيوي، الذي يحاول جاهدا، بما أوتي من خبرة التغطية على الظروف المحبطة التي تجهز فيها أسود البطولة لهذه النسخة من بطولة الشان.
في كرة القدم، ليس هناك سلاح أقوى من سلاح الإيقاع، فمن دونه لا يمكن أن تتمثل شروط كرة القدم الحديثة المؤسسة على سرعة التحول، وهذا السلاح لا يحصل عليه أي فريق إلا من مخزون بدني يبنى بطريقة علمية، يكون فيها اللاعب مدركا أن يستعد لبطولة مضغوطة زمنيا، وتهدد بكثير من الإستنزاف، وعندما يأتي عشرة لاعبين لهذا المنتخب المحلي، وقد بدأوا للتو تحضيراتهم للموسم الجديد، وهم خارج بطولة الشان ذهنيا وبدنيا، ندرك مدى صعوبة التواجد في مجموعة قوية، وتنتزع وصافتها بعد أربع مباريات طاحنة.

كانت مباراة الكونغو الديموقراطية، مقطعا مختلفا من حيث الإكراهات البدنية والتكتيكية، ووجب التنويه، بما أظهره اللاعبون من إصرار على تكسير أنياب فهود دخلت المباراة بسعار غريب، وبرغم كل الذي أنتجته المباراة من تقلبات، ضربتنا بمشاعر متناقضة، فإن منتخبنا المحلي أظهر قوة الشخصية في اللحظات الصعبة، وأخرج من ظلمة المباراة قبسا من نور، حمله إلى الدور ربع النهائي، حيث ينتظره إعصار جديد بدار السلام.

ولأنها بطولة «حمقاء» من بداياتها، من الدخول القيصري لأسود البطولة، إلى التأهل المتعب للدور ربع النهائي، وما عبر من صور محبطة، منها على الخصوص خروج لاعبين من التشكيل بسبب إصابتين قويتين (مولوع والعسال)، فإن طارق السكتيوي، سيقضي كل الأيام التي تفصله عن مطحنة دار السلام أمام منتخب تنزانيا، في التفكير في أنجع طريقة يغطي بها على إعصار الإصابات والتوقيف الذي ضرب على الخصوص متوسط الدفاع، بأن جعل كلا من العسال، عراصي والوادني خارج الخدمة.
غدا إكراه جديد، غدا تحد جديد، وحتما مع أسود البطولة ومع طارق السكتيوي، نقول إن غدا لناظره قريب، فلكم السلام يا أسود وأنتم في طريقكم لدار السلام.