ما كان وليد الركراكي، وهو يتقلب بين الوديات وحتى الرسميات التي أهلت الفريق الوطني لكأس العالم ومن بعده لكأس إفريقيا للأمم بالعلامة الكاملة، ومن خلالها حقق رقمه القياسي العالمي (16 انتصارا متتاليا)، ما كان يتمنى شيئا سوى أن تسعفه الظروف لكي يصل إلى نهائيات كأس إفريقيا للأمم، وهو يستند إلى ركائزه البشرية بخاصة منها تلك التي كتبت معه ملحمة مونديال قطر قبل ثلاث سنوات، وفي مقدمة هؤلاء العميد غانم سايس.

ومع كل التصدعات التي شهدها متوسط دفاع أسود الأطلس، ووليد ينوع الثنائيات على مستوى هذا المحور، أو بالأحرى، وهو يحاول إيجاد من يكون رفيقا لنايف أكرد في هذه التوليفة الحساسة، ما ظهر أبدا الإقتناع كاملا بكل الثنائيات التي تم تجريبها، منذ أن ابتعد غانم سايس عن الأسود، منذ 16 شهرا بالتمام والكمال، لذلك ما إن شعر وليد بالتعافي الكامل لسايس، وانتظامه في المباريات مع السد القطري، بدليل أنه خاض أول أمس السبت، مباراته الثالثة تواليا، حتى سارع للمناداة عليه، ولعله في ذلك يختلف علينا جميعا في درجة اليقين بأن سايس إن عاد ليقود الفريق الوطني ومعه دفاع الأسود، فإنه سيعود مكتمل الجاهزية، وبقدرة بدنية على كسب النزالات الثنائية، الأرضية والهوائية التي يفرضها المركز.

لا يذكر كثيرنا للأسف، إلا ما كان عليه أداء غانم سايس في نهائيات كأس إفريقيا للأمم بكوت ديفوار، والتي خرج الأسود من دورها ثمن النهائي يجرون ذيول الخيبة، من إهتزاز هو ما تسبب مع غيره من الإختلالات على مستوى إدارة المباراة، في خروجنا بخسارة موجعة أمام منتخب جنوب إفريقيا، وحينها سارع كثيرنا إلى القول بأن غانم سايس اإستنفذ ما لديه من تعبئة، وبات ضروريا البحث عن لاعب آخر يشد عضد نايف أكرد في متوسط دفاع الفريق الوطني.
والحقيقة، أننا حملنا وقتها سايس أكثر مما يحتمل، ولم نكن بذات القسوة مع لاعبين آخرين لم يحالفهم كما سايس التوفيق في تلك المباراة المفصلية بالذات، وكان بينهم مثلا حكيمي الذي أضاع ضربة جزاء، ومن لم يوافقنا الرأي، ورفض ما فتح من سلخانات إعلامية تنهش لحم القائد هو وليد الركراكي، الذي جرب زمنا أن يلعب من دون سايس، إمام تحت الإكراه، أو بسبب تكالب الإصابات على العميد، وبات يشتكي من تصدعات دفاعية لم يعرفها الفريق الوطني على عهد سايس ومن سبقه لهذا المركز، وكان كل الخبراء وقتها جازمين في قولهم بأن المنتخب المغربي يملك أفضل دفاع في القارة الإفريقية، بل إن مونديال قطر اعتبره من أفضل دفاعات العالم منظومة وعناصر بشرية.
وسواء اتفقنا مع عودة سايس ألم نتفق، فإن ذلك لن يخرج عن مؤداه البدني والتكتيكي، والذي سيخضع للإختبار خلال وديتي الموزمبيق وأوغندا، فإن وليد يذهب في تقدير مردود الأسود إلى ما هو أبعد من ذلك، إنه يحتاج إلى قادة يؤطّرون ويتحملون المسؤولية، ويدفعون بالمجموعة كلها إلى مستويات متقدمة في تقوية اللحمة لتحقيق الهدف، ولم يمر علي ولا عليكم، مدرب لم يبحث بين لاعبيه عن عنصر الخبرة والتجربة والروح القيادية، وحتى إن لم يكن يتوفر عليه، بحث عنه ب«الفتيلة والقنديل».
في وجود غانم سايس، يستطيع وليد الركراكي أن يمضي لكأس إفريقيا مطمئنا، هنيء البال، لما يتصف به الرجل من حكمة أكثر منه من الخبرة، وبوجود سايس بين الأسود ليس فقط في الوديتين بل في كأس إفريقيا للأمم، بطاقة وفاء أخرجها وليد في الوقت المناسب، والأمل أن تمنحه هذه البطاقة وتمنحنا الأمان بعد الوفاء.