في معزل عن النقاشات المتعلقة بالحكومة الجديدة والسير الذاتية للوزراء والإنتظارت الكبرى من هؤلاء، إندلعت شرارة حوار حاد ومشحون بعيدا عن مجال السياسة، بين مواطنين رياضيين الأول عاشق ولهان للكرة الأوروبية، والثاني مدافع وطني عن كرة القدم المحلية.
نقطة إنطلاقة الحوار بدأت مع المتيّم بحب كرة الضفة الأخرى، حينما فاتح رفيقه في موضوع شهر أبريل قائلا: هل تعلم أن هذا الشهر هو الأفضل منذ سنوات من ناحية المتعة والفرجة وغزارة القمم الكروية؟ هل تعلم أن ما لا يقل عن 20 مباراة رهيبة بين عمالقة أوروبا ستتراقص بين أيام أبريل؟ أنت مدعو في بيتي للحضور يوميا وإلى غاية متم الشهر، لتستمتع وتشاهد العروض الحقيقية، وترى الألوان التي فقدتها وأنت تحرص على متابعة مباريات بطولتك الإحترافية كل أسبوع.
فأجاب الثاني بنبرة متوثرة: وكيف تبدو لك بطولتنا الإحترافية؟ هي على الأقل تعكس هويتنا وواقعنا، تتطور بشكل ملحوظ وقد بدأت تشهد الإثارة والمتعة في الصدارة كما في ذيل الترتيب، هل لك تخمين حول من سيظفر باللقب أو سينزل إلى القسم الثاني هذا الموسم؟ هل يمكنك أن تجد هذا التشويق في بطولاتك المعشوقة من برمرليغ وبوندسليغا وكالشيو، حيث البطل وضع منذ أسابيع قدما في منصة التتويج؟ شهر أبريل عندنا سيكون حاسما أيضا وفاصلا بأجندة لقاءات نارية عديدة في القمة كما في السفح، وأدعوك في بيتي بعد أيام لتروي عطشك بمتابعة الديربي الصاخب بين الوداد والرجاء حيث معركة تحديد البطل في ملعب تحفة أعيد إفتتاحه.
فرد جليسه بقهقهة وسخرية قائلا: الديربي؟ أنت وقمتك هاته تثيران الشفقة، هل تريدني أن أهدر 90 دقيقة في مشاهدة مباراة مملة ورتيبة تنتهي غالبا بالتعادل؟ هل ترغب في أن أغالب النوم في منزلك وأنا أنتظر محاولات وفرصا للتسجيل؟ تتحدث عن تحفة، ألم تصلك الأصداء ولم تقرأ في الصحف عن المهزلة التي أصبح عليها «دونور» بعدما كلف 26 مليارا لتثبيت الكراسي ووضع شاشتين فقط، ملعبك كبطولتك وكقممك وكديربيك، لا يطربون ولا يمتعون ولا يقنعون، ولا يوقظون في دواخلي الشغف والحب والرغبة في تتبع بطولة بلدي، هجرتها منذ سنوات لأنها تسبب الكآبة والبؤس والتعاسة، وحْتى قطْ ما تيهْربْ من دار لْعرْس.
ثار الرجل بغضب بعدما إستفزته إجابة صديقه وقال: أشْمن عرْس، بْحالك لّي دارو للكُرة ديالْنا لْهرس، تعشقون التبعية وتقدمون الولاء وتفيدون الأجانب دون أن تعلموا أنكم تخربون الوطن، لا تترددون في إنتقاذ الفريق الوطني في كل مباراة وأنتم من يضع العراقيل من الخلف وينتظر القطار أن يسير، تضعون الأندية والبطولات في ميزان مختل، إذا هجرتُ مثلك ومعي هذا وذاك مباريات بطولتنا وهربنا جميعا من الملاعب، وإستبدلنا القنوات المغربية بالأجنبية فلمن نترك هذا البصيص من الأمل في التغيير والتطور ولو بإيقاع السلحفاة.
ضحك عاشق الكرة الأوروبية كثيرا وتحدث بثقة في النفس وكأنه لم يسمع شيئا: نحن أبناء اليوم ولن أضيع فرصة التواجد في عصر ميسي ورونالدو لأساهم في دفع قطارك الذي لن يسير أبدا، لست مجنونا لأفوت على نفسي سربا من القمم بداية من الكلاسيكو بين الريال والبارصا ومبارياتهما الهتشكوكية في عصبة الأبطال الأوروبية، والإصطدامات الحارقة بإنجلترا وألمانيا وإيطاليا.. لن أظلم نفسي التي لا تأمرني بالسوء حينما تقودني طوعا للتجول في معارض الفنون حيث الألوان والجنون، أنا زبون الفرجة، أنا عاشق أبريل، أنا سجين البيت وزوج التلفاز.
إفترق الصديقان ورفضا الدعوات وتواعدا على عدم الإلتقاء حتى رحيل هذا الشهر، وإنصرف الأول في رحلة طويلة للتنزه في الحدائق الأوروبية حيث ربيع الكرة في أزهى صوره، وتمسك الثاني بخيط الأمل والغيرة والشبع بخبز الدار.