اللهمّ لا ملجأ ولا منجا منك إلّا إليك، إنّك على كلّ شيءٍ قدير.
شاء الله وقدر أن أغيب لما يقارب ثلاثة أشهر عن قرائي وأهلي وعشيرتي بالمنتخب الرائدة التي ظللت فيها ذاك الرجل المقاتل والمناضل لكل فرائس القلم لمدة 31 عاما دون أن أغير جلباب الريادة والعنوان الأصلي لموطن قلمي . وشاءت إرادة الله أن تختبرني في عز الشهر الفضيل بأن ابتلاني قدر المولى سبحانه وتعالى بأزمة صحية طارئة على مستوى القلب و أجبرت من خلالها على الإلتزام بوعد الله وقبول هذا الإبتلاء العظيم ، وشاءت إرادة الله أن أخضع لعملية جراحية دقيقة كللت بالنجاح منتصف شهر يوليوز على يد كبار الاطباء بمصحة أكدال بالرباط .
وعندما توقفت عن الكتابة مجبرا وعن القراء مضطرا وقبول أمر الله مرحبا ، أحسست وكأن الغياب بمثابة الوفاة مع أن واقع خطورة العملية هو بين الممات والحياة أصلا ولا شيء يعلو على حكمة الله ، وعند التوقف الإجباري عن أي مجهود بدني وفكري ونفسي مقابل التحضير لكل الطوارئ ، قبلت أن يكون قطاري على هذا النحو ولابد أن تتغير قطع غياره ليعود سريعا كالعادة ، ولكن فوق ذلك كله قبلت إرادة الله ولا راد لقضاء الله ولا معقب لحكمه ، بل غمرتني الأفراح وأنا أستقبل كل ساعة وكل يوم نفحات ربانية وأنتشي بالأدعية في بيت طهور وحملتني أمي و إخواني وأخواتي وعائلتي واصهاري وزملائي في رحاب المسؤولية الإنسانية والعاطفية والمساعدة اللامشروطة حتى أكتنز تلك الصورة النفسية والصبر الجميل لقضاء الله ولهم مني أقوى حب . 
عند هذه النفحات والشدائد ، استفقت من مخدر العملية في وقت متأخر من مساء الجمعة العظيم ( 14 يوليوز ) ، ولم أتألم لأي شيء وكأن الله سبحانه وتعالى مدني بعطايا الراحة والرحمة والهدوء في هزيع الليل إلى أن استفقت صباحا على وقع حشود المحبين تبارك انتفاضة القلب والفؤاد مادام اسمي هو المسمى على القلب .
إلى كل هذا ،لم أكن أقوى على الكلام ولا على الإشارة إلا بالعين لكل من يزورني ، ولكني كنت قويا بإيماني الإلاهي وصبري الكبير واستطعت بفضل الله أن أقاوم كل شيء تدريجيا للخروج من مرحلة الألم إلى فترة النقاهة ولا زلت تحت أعتابها أسير إلى اليوم رغم أني عدت للتواصل معكم تحت الشدة في التفكير والكتابة ، ولكن ما باليد حيلة فقد سئمت معنى الملل اليومي والراحة والأقراص وووو..وحتى خيبة الأسود بمالي التي فرضت علي تلقائيا ضغطا على القلب .
وعند هذا الحد ،لا يسعني إلا أن أشكر الفريق الطبي الذي سهر على نجاح العملية الجراحية ومواكبتها اليومية لما يقارب الشهرين ، وأخص بالذكر البروفيسور سعد بلحاج الرجل الهادئ والمتواضع بكل تجلياته الإنسانية ، والدكتور القدير امحمد بوفارس الكفاءة العالية والرجل الذي يشكل مع البروفيسور بلحاج ثنائيا لا محيد عنه وله مني ذلك الحب التلقائي والرجل الجدير بالالتزام والاحترام الكبيرين دونما الحديث عن الدكتور شكيب الأزرق الخبير في التخدير وعملاق الإبتسامة والكلام الطيب إلى جانب فيلق الممرضين والممرضات . إلا أن النقطة الأبرز في نجاح كل هذا المسار كانت هي الدكتورة سهام الصادقي الإختصاصية في انتظام ضربات القلب وهي من كرست جهدها وقدسية عملها الكبير وعلى سير التحضيرات الجدية قبل وأثناء وبعد العملية الجراحية إلى اليوم ولها مني خالص التعظيم والاحترام والثناء الخالص لأنها بالفعل واحدة من الطبيبات القلائل أخلاقا وسمعة ونضجا وتعاملا وسموا. 
إلى أمي الحبيبة أطال الله في عمرها ، إلى أشقائي وشقيقاتي وعائلتي وأصهاري وأحبائي وعشيرة المهنة الإعلامية وفيالق معارفي من قريب وبعيد وإلى كل من سأل عني بالهاتف وغيابيا وحتى إلى قرائي الذين تواصلوا معي بريديا ، لكم مني أقدس عبارات الحب السرمدي .