أول إختبار لكرة القدم الوطنية في السنة الجديدة هو بطولة الشان، المِرآة التي سنرى فيها وجه اللاعبين المحليين والذين سيمثلون بلادهم أولا، ومعها بطولتهم الإحترافية ومناعتهم الإفريقية.
كأس إفريقيا لأبناء القارة الممارسين بين أدغالها شاءت أن تحط الرحال في سيناريو مفاجئ بالمغرب، والذي عوض في آخر لحظة كينيا التي سُحب منها التنظيم لتأخرها في الإستعدادات، لتكون البطولة قد فتحت أدرعها بشكل واسع للأسود ليدخلوها آمنين ويخرجوا منها سالمين غانمين.
كل الظروف مواتية وجميع الوسائل متاحة ليظفر الفريق الوطني أخيرا بالوسام ويصعد منصة التتويج، ويصبح ثالث منتخب مغاربي يربح الرهان بعد ليبيا وتونس، والرابع إفريقيا بإحتساب الكونغو الديمقراطية بطل أول وآخر نسخة.
لا أعذار ولا مبررات يمكن أن يختفي وراءها الناخب جمال السلامي ومعه فيلقه المحلي في حال الفشل في الظفر باللقب، لأن البطولة الحالية وبمنتهى المنطق والواقع سهلة وبسيطة وطريقها معبد وسالك نحو الريادة والقمة.
الأسباب التي تؤكد أن لقب الشان في متناول زملاء الحارس المحمدي هو التحضيرات المكثفة التي قاموا بها على مر سنة ونصف، خاضوا من خلالها العديد من التربصات والمعسكرات وعدة مباريات رسمية وودية، والإنسجام الكبير الحاصل بينهم خصوصا وأن ثوابت وأسس الفريق الوطني لم تتغير وظلت تلعب مع بعض لزمن طويل، إضافة إلى توفير الجامعة لكل وسائل الإعداد والتحضير والدعم، والأكبر من كل هذا أن البطولة ستُقام على أرض الوطن وأمام الجماهير، وفي ظروف مواتية جدا بعيدة كل البعد عن العراقيل القاهرة من مناخ وعشوائية ومتاعب سفر أو ما شابه.
وما يجعل من شان 2018 سهلا أو أقل صعوبة إلى جانب الأسباب السابقة، هو غياب حامل اللقب والأكثر تتويجا الكونغو الديمقراطية، وخلو الساحة من منتخبات شرسة وخطيرة بإمكانها إزعاج الأسود وإرباكهم، لأن البلدان المشاركة ومع إحترام وزنها تحمل قبعات ضعيفة أو متوسطة، بإستثناء ليبيا العنيدة والبطلة السابقة والتي ستشارك بالمنتخب الأول، إلى جوار زامبيا المتحمسة والتي تعتمد على أوراق فريقي زيسكو وزاناكو الرابحة.
ولأن الكرة المغربية في أوج توهجها وعطائها حاليا، فهي مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالتأكيد وتكريس الصحوة والتفوق، وتعزيز الحضور الرائع للأندية والمنتخبات على المستوى القاري في السنوات القليلة الماضية، ومحاكاة ما تم تحقيقه من إنجازات جماعية كبيرة وباهرة في العام الماضي.
فتتويج الوداد البيضاوي بطلا لعصبة الأبطال الإفريقية، وبلوغ الفتح الرباطي نصف نهائي كأس الكونفدرالية، وحصول المنتخب الأولمبي على الميدالية الذهبية في الألعاب الفرانكوفونية بأبيدجان، ومرور أسود الأطلس لربع نهائي "الكان" وتأهلهم التاريخي والأنطولوجي لكأس العالم، يفرض على الفريق الوطني المحلي الإلتزام بالسير على نفس النهج، وحصد بطولة "الشان" لتكون برهانا وتأكيدا أننا نتسيد القارة أندية ومنتخبات شبابا وكبارا.
الضغوطات كبيرة وقوية على السلامي وطاقمه وفرسانه ليكونوا في الموعد ويشعلوا الأضواء بالدار البيضاء، حيث الدفء وحلاوة اللعب بالقواعد، والثقل وحجم الإنتظارات لا يجب أن يخيف اللاعبين الذين صالوا وجالوا بالقارة واكتسبوا العديد من الخبرات، ومنهم من رفع أسمى البطولات وتلذذ أرفع الألقاب، وبالتالي فمسألة عدم تحمل الضغط أو السقوط في الألغام الساذجة محرمة قطعا على رفاق السعيدي.
الجمهور المغربي ينتظر لقبا إفريقيا جديدا يؤكد الزعامة ويعزز المكانة والهيبة، والجامعة تتمنى ذات الشيء لتزين سيرتها وإنجازاتها وعملها بثمرة إضافية، والناخب الأول هيرفي رونار يراقب ويتابع لإقتناص الأجود والأنسب ليكون معه في مونديال روسيا، ونحن كإعلاميين ندعم ونحفز وننتقذ ليكون الختام بأجمل عنوان والثالثة ثابتة.