عين العقل هو ما اتخذته وزارتا الشبيبة والرياضة والصحة بشأن تأجيل كأس إفريقيا للأمم التي ستجرى ما بين يناير وفبراير المقبلين كقرار سيادي يغنينا احتمال الإصابة بفيروس الإيبولا الفتاك ليس لأنه مرض عادي كالأنفلووانزا يمكن التعامل معه بالأدوية المضادة، ولكنه وباء قاتل في مدة زمنية قصيرة لا تتعدى ثلاثة أسابيع وليس له علاج على الإطلاق ويتنشر بسرعة فائقة في دول غرب إفريقيا قد لا يسلم المغرب من عدواها لو لم يأخذ المسؤولون الكبار على كل الأصعدة المصاحبة للحدث كافة الإحتياطات والخطوات الإحترازية للسيطرة على كل ما يمكن أن يمس أي مغربي بهذا الوباء مع أنه ولله الحمد ورغم انفتاح المغرب على القارة السمراء في كل المشاريع التنموية، لم تسجل أية حالة من هذا النوع من الوباء الكارثي الذي تفوق درجاته وباء السيدا والكورونا، وعندما يخرج الوزيران المغربيان ببلاغ تأجيل كأس إفريقيا في هذا التوقيت بالذات، فلأن النازلة تعتبر سيادية وتفوق بكثير مواقف الإتحاد الإفريقي لكرة القدم الذي يرفض أوليا مبدأ التأجيل، ويعتبر الوباء في حدته وسرعته الفائقة في الإنتشار بشكل سريع كل يوم وشهر، كارثة إنسانية قد تعرض المغاربة بنفس الداء فيما لو نظم الحدث على أرضه في أكبر تجمع إفريقي يخشى منه الإصابة بالعدوى بالنظر إلى الطريقة التي يسود فيها الإنتشار حيث تحدث العدوى بسبب المخالطة المباشرة عبر الجلد أو الأغشية المخاطية المصابة مع الدم أو سوائل الجسم الأخرى أو الإفرازات (البراز والبول واللعاب والسائل المنوي) للشخص المصاب. ويمكن أن تحدث العدوى أيضا إذا لامس الجلد أو الأغشية المخاطية المصابة للشخص السليم بيئات تلوثت بسوائل مريض الإيبولا المعدية مثل الملابس المتسخة، أغطية السرير، أو الإبر المستخدمة. ومعنى ذلك أن أمن وسلامة المواطنين المغاربة حق مشروع مثل سائر الدول الإفريقية والعالمية المفروض أن ينظم على أرضها حدث قاري مشوب بالتخوفات، لكن قرارها السيادي أكبر من كل شيء ولابد أن تتفهمه الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم أو حتى الجامعة الدولية لكرة القدم المفروض أيضا أن تلعب دور الوسيط والمتدخل الإيجابي في هذا الوضع الخطير الذي لم يعرفه العالم المعاصر من مستوى هذا النوع من الوباءات الفتاكة.
وشئنا أو أبينا، لو كان عيسى حياتو رئيس (الكاف) ومن معه من أعضاء المكتب التنفيذي قد رفض التأجيل مبدئيا قبل اجتماع نونبر المقبل لدراسة طلب التأجيل، فهل سيرفض القرار السيادي للكامرون مثلا فيما لو كان بلده هو منظم الحدث بنفس التخوفات التي يرمي إليها المغرب ؟ وكيف سيتخذ القرار مع أن بلده يطلب التأجيل سلامة لمواطنيه ؟ 
لذلك نحن أمام وضعية خطيرة لا يحسب لها بالتسرع في القرارات الخاصة بالرفض برغم تبريرات (الكاف) باستحالة إيجاد فترة مناسبة ضمن أجندتها السنوية لإقامة البطولة، في ظل الصعوبات التي تطرح بخصوص مشاركة اللاعبين المحترفين بالبطولات الأوروبية، مع منتخبات بلادهم، ولكن بقراءة التداعيات العامة مع كل الجهات المعنية وأقواها منظمة الصحة العالمية وكذا وزارة الصحة المغربية حتى تتفهم الكونفيدرالية الإفريقية لكرة القدم أن المسألة خطيرة ولا يعبث بها على الإطلاق، ومن الواجب دراسة ملف التأجيل بكل حيثياته الدقيقة، وليس التأكيد على أنه من الصعب إجراء تعديل من هذا النوع على أجندة (الكاف) لأنه ولغاية الأسف كانت الجامعة الدولية لكرة القدم قد طالبت الكونفيدرالية الإفريقية لكرة القدم بتحويل تاريخ كأس إفريقيا إلى الصيف بدلا من الشتاء حتى لا تتأثر الأندية الأوروبية من هجرة محترفيها إلى منتخباتهم في ظل فترة حرجة تعيشها الأندية الأوروبية من إفراغ جوهري. وربما قد يكون هذا الحادث الوبائي السريع الإنتشار إفادة ومنهجية لربح مسار تحويل كأس إفريقيا إلى يونيو كما هو جاري في تنظيم المونديال وكأس أوروبا للأمم، على الأقل في انتظار اكتشاف علاج جديد للوباء، أو محاولة إبعاد كل المنتخبات التي تمس بلادها الوباء المذكور من الحدث القاري بالحكمة السياسية وبخاصة عندما شددت وزارة الشباب والرياضة على ضرورة تفادي التجمعات البشرية الضخمة، خاصة التي يشارك فيها وافدون  وأنصارهم من الدول التي ينتشر فيها فيروس “إيبولا”، وذلك لتجنب انتشار خطر هذا الفيروس. وبالتالي فإن سلامة الشعب المغربي فوق كل اعتبار وأهم من أي تظاهرة، ونحن مع هذا الحق المشروع من الصحة والعافية التي يرجوها كل مواطن مغربي.