سأتفق مع الإطار التقني ناصر لارغيت حين قال أن الكرة المغربية فقدت شخصيتها وهويتها بالمنتخبات الوطنية وربما حتى بالأندية الوطنية أيضا، وهذا الكلام ليس وليد اليوم عندما وصل ذات الإطار إلى هذه القناعة التي أكدناها في أكثر المواقف التحليلية للرداءة التي وصلت إليها الكرة المغربية في تغييب صناعة وتكوين الأجيال كما كان سائدا في الزمن الذهبي، وقلت أكثر من مرة على أن الأندية الوطنية التي صنعت الرجال بشخصية وازنة للنجوم في الأمس القريب، لم تعد بنفس القناعة التكوينية واتجهت إلى عالم المال والإستثمار في سوق الإنتقالات الضعيفة وبوجوه عادية لا تمثل على الإطلاق قيمة اللاعب المتكامل مثلما كان عليه الحال عبر الأجيال التي قدمت بمنافسة شرسة صورا كبيرة للأندية والمنتخبات الوطنية لحد كان فيها الإختيار صعبا داخل أي نادي أصلا كان يضم أجود الأسماء في المركز الواحد، وقلنا أيضا أن المراكز المتعددة بالفريق الوطني كانت محيرة للغاية قبل أن تتهاوى هذه الشخصية تدريجيا من 1994 إلى اليوم، وتصبح بعدها المنتخبات الوطنية بهوية المحترفين المغاربة بالبطولات الأوروبية رغم أن المقارنات واضحة في التكوين التكتيكي بين أندية وطنية هاوية وبين أندية أوروبية تعتمد على الثقافة الكتيكية منذ ذلك الحين إلى اليوم.
وعندما يتحدث لارغيت عن الخريطة الكروية بالمغرب في سياق ما اتجه إليه في بحثه الأكاديمي والإحترافي وخبرته بالميدان، تأكد من أن ثقافة الهوية ما زالت موجودة من خلال الموروث البشري الذي عاينه في كل المواقع الخاصة بالعصب والجهات وحتى الأقسام الدنيا والهواة، لكن هذه الثقافة لا تجد أصلا من يرعاها من رجال المرحلة سواء كانوا مؤطرين أو مسيرين أو كشافة أصليين بالميدان، ولا تجد حتى البنيات التحتية  التي بدا واقعها اليوم مطروحا للنقاش من أنها حاضرة على مستوى التدشينات المكثفة لملاعب القرب لكنها لا تجد الموارد البشرية لتدبيرها المنهجي بكل الإختصاصات، فضلا عن واقع الأندية التي أهملت مدارسها وصناعتها للأجيال المتعاقبة ليس على الأندية فحسب ولكن على المنتخبات الوطنية من مؤدى النتائج الفاشلة منذ زمن ليس ببعيد.
واللمسة الكروية التي يحضر بها المحترفون المغاربة بأوروبا، إنما هي لمسة احترافية من المستوى العالي والجامع بين المهارة والثقافة التكتيكية وأبعد من المدرسة الكروية المغربية التي كانت تميل في الزمن الجميل على القوة والصلابة والمهارة واللعب القصير، وبين هذه الفوارق نستنتج أن المنتوج الوطني الذي كانت تقدمه الأندية الوطنية لم يعد قابلا لنفس الإستنساخ لدرجة لم يعد يعاين أي منا صناعة نجم متكامل داخل النادي الواحد ونجما دوليا بمقاس عالي وعالي، ولا أكذب في هذا الإتجاه لأن كل من يرى اليوم قيمة رونالدو وميسي بالمقارنات وغيرهم كثير بالإختصاصات في كل المواقع، سيتأكد من أن الكرة المغربية تهدر المال العام في لا شيء داخل بطولة وطنية ضعيفة بمسيريها وأطرها وقواعدها الصغرى وحتى لاعبيها العاديين، ولا مجال للمقارنات بين محترف مكون داخل الأندية الأوروبية، وبين لاعب مغربي لا يقوى حتى إلى الوصول إلى الإحتراف بأوروبا كما ساد في التسعينيات، لكن هذا التصدير مات مع نظرة الأندية الأوروبية لضعف الكرة المغربية في صناعة الوجوه العملاقة، ولم تعد قادرة على تجديد العهد بصناعة الوجوه المغربية التي أثتت العديد من الأندية الأوروبية سابقا، فهل أنا مخطئ في هذا الإتجاه؟
وما قاله لارغيت من واقع المعاينة يؤكد أن الموارد البشرية على مستوى الإدارة التقنية بالأندية لا تشتغل بالجهد الأكبر وربما هي غير مكونة علميا على أعلى درجة مما هو سائد أصلا في القواعد الصغرى بأوروبا وبحاجة إلى تكوين دائم، لكن ولغاية الأسف هناك أندية تسخر أطرها بالعمل برواتب متواضعة وبشخصية مهزوزة، ولكنها لا  تيسر الطريق إليها للتكوين لأسباب تظل مجهولة، بينما الواقع يؤكد طغيان المسيرين على الوضع المهترئ،  والهوية المغربية كما نريدها يصعب أن توجد لها أرضية من الآن وحتى إن وجدت فلن تعطي ثمارها إلا بعد عشر سنوات على الأقل، وهذه هي الحكاية.