درًج ولا تعرًب، قوًم ولا تطلًق، أنفخ ولا تهدم.. هذه تعابير حاضرة في المنظومة الإعلامية بقوة وأبرزها سيطرة الدارجة والألفاظ السوقية والتكوين الهش للإعلامي في تمييع لغة بلده، ومع أني حريص على ارتجاليتي في الكلام ولا يمكنني أن أتحدث بالدارجة على كافة المستويات سواء كتبت أو حللت أو ناقشت قضايا متعددة على السمعي والبصري، فلا يمكنني أن أنزل مستواي إلى قمة الحديث بالدارجة العامية لأنها ليست لغة رسمية، ومن تعود على ذلك فلأنه مأمور من كباره لأسباب لا أريد مناقشتها على الإطلاق ويعرفها من يربحون الشعبية على ظهر الأميين.
كما أن تقويم الشيء كله مثلما تقوم المرأة في بيتها وحصانتها وحقوقها  أفضل من التطليق، وفي كرة القدم وتسيير الأندية، يطرح هذا المفهوم الدلالي لتقويم النادي بمشروع فكري وحداثي تنمو فيه القيمة والكفاءة والمال وسوق الشغل، ومن قوًم النادي بهذه الأطروحة التي يكبر فيها النادي من لاشيء إلى شيء فهو إنسان ورجل مدبر من الزمن المبدع، ومن عاش على نفس الرتابة والأريكة والسيطرة على الرئاسة من دون تطور فهو إنسان أناني ويكره أن  يكون أحد في مقعده، ومن الواجب أن يطلق وضعه على الإطلاق.
وأيضا هناك واقع مرير في كرة القدم التي يجسدها اللاعب المغربي في المستطيل الأخضر إن كان فعلا مغرورا بنفسه وكرته وكلامه ومحيطه، وأكثرها دعاية ونفخا هي من تطبل للوجوه الصاعدة في زمن قل فيه النجوم وماتت حتى الهوية في اكتشاف النجوم. صحيح أنه عشنا زمنا غاليا بحشد كبير من صناع الكرة في الملاعب الوطنية، وعشنا كيف أمتعونا كل موسم وكل السنين من دون أن يغتروا بقيمتهم المهارية مع أن ما أعطي لهم من مال لا يساوي اليوم أضعاف وأضعاف ما يتقاضاه لاعب البطولة اليوم.
المشكلة التي تقتل كرة القدم الوطنية في أنها تعيش مصيبة صناعة النجم الناذر، وحتى إن اكتشف في أول مباراة أو أخرى يصاب بالعين السليطة، أو يغتر لمجرد أن تحدث عليه صحفي ما أو كتب عنه آخر أو نفخ فيه المحللون، والمشكلة في أن سوق إنتاج اللاعبين من النادي الواحد لم تعد ثقافة الأندية مثلما قدمت الصين في اقتصدياتها ثقافة المنافسة على كبريات المشاريع الضخمة كمثال يقترن أصلا بمفهوم المنتوج والهوية. وهوية الأندية هي من تجسد دلالة الأرضية الخصبة للاعبين من المستوى العالي وليس هوية الجري وراء ألقاب من صنع سوق انتقالات لا يوجد فيها إلا العاديون. واللاعب المنفوخ بأنانية جودتة مثل رونالدو لا يوجد عندنا في المغرب اليوم، ولكن وجد منذ أجيال بأنانية القتالية على القميص الوطني مع أن الفوارق تختلف بين الأمس واليوم. ورونالدو زمانه اليوم مكشوف بالإحترافية حتى ولو كان مغرورا بنفسه ولكنه داخل الرقعة مقاتل ومعشوق وفنان ويصنع المستحيل مثلما هو حال ميسي وكبار النجوم، ولكن عندنا في الكرة المغربية مقلدون في الذاتية  ومنفوخون بريح الإستعلاء وريح التطبيل الإعلامي.
شئنا أم أبينا، اللاعب المغربي لا يجتهد في أن يكون أنانيا في احترافه على أنه يتدرج الكرة من الهواة إلى الكبار، إلى الإحتراف بالخارج إلى أبهة حمل القميص الوطني برداء القتالية.. اللاعب المغربي مسؤول عن واقع الكروي وعن اختصاصاته التوظيفية وعن أحلامه المحدودة، وعن حتى لغته المحدودة أيضا.. واللاعب المغربي مسؤول عن إبداعه الدائم لأنه يلعب مباراة عمر واحدة ويرفع إلى السماء، ولكنه ينطفئ لشهور اغتر بها بذكرى مباراة واحدة، فهل اجتهد لاعب ما في تقليد رونالدو أو ميسي أو غيرهما كيف يأكلان وينامان ويتدربان ويركزان وينضبطان و.. و.. ويظلان بنفس السحر وعلامة المتابعة الأسبوعية؟ لا أعتقد ذلك لأن المسؤول عن هذه الزاوية هو اللاعب نفسه ومحيطه قبل أن يكون مدرب الفريق أو رئيس النادي أو أنصاره المسؤول المباشر في عملية الحرص على تطبيق النصائح.
شئنا أم أبينا، لا نملك هذه الثقافة المباشرة لتحضير لاعب مؤهل لأن يكون نجما، وحتى إن وجد هذا النجم، فلا يؤازره الضالعون والكشافون في استثمار قدراته وأحلامه، بل يؤازره إعلام حسيا قبل أن يدمره معنويا لدرجة النفخ والتهليل.
مع كامل احترامي للاعب المغربي.