راقني الخروج الرائع لحسنية أكادير وهي تؤسس لمشروع حداثي لكرة القدم السوسية وكرة الجنوب الغربي للمغرب عندما سطرت مشروعا واستراتيجية لتطوير كرة القدم بهذه المنطقة التي دشنت العالمية بملعب أقيم على أرضيه مونديال الأندية، وراقني مضمون الندوة الصحفية التي كرست مفهوم الإنطلاق الحداثي للأوراش المزمع تداولها من اللحظة الآنية في كل ما له علاقة بالإحتراف لنادي يريد أصلا مطابقة القول والفعل للخروج من عهد هواية النادي إلى الإحتراف المنهجي في انتظار دخول مسار الإحتراف السامي لجعل النادي مقاولة قائمة الذات.

طبعا تحتم جغرافية المواقع عبر الخريطة المغربية تمكين أكادير العالمية في السياحة والرواج التجاري من اقتسام الهم الرياضي بكل اختصاصاته لمنح مكتسب جديد للمنتخبات الوطنية من صلب الرياضات التي تتألق من خلالها مجموع الشرائح الرياضية بأكادير، طبعا تبقى كرة القدم السوسية المنبع الأول لهذا التطور الذي وضع المدينة وأعيانها وسلطاتها ومسؤوليها وجمهورها في صلب المعركة التي دشنت فيها المعلمة التاريخية لتكون أكبر حافز للبنيات التحتية العالية والقيمة التي تزكي من الآن مقولة حضور البنيات التحتية بما فيها البنيات السوسيو رياضية التي دشنها العاهل المغربي ليس فقط بأكادير، ولكن في مجموع التراب المغربي، على أن يكون لهذه البنيات موارد بشرية هائلة بالقيمة والكفاءة العالية.

ربما فطن رجال أكادير لهذا التصور الحضاري للمدينة بالخروج الإستراتيجي للفعل التنموي للمدينة في الخصوصية الرياضية لكرة القدم، مع أن التاريخ كان يقول دائما بأن أكادير العالمية بها غبن رياضي لا يساهم على الإطلاق في حل المشاكل الكروية وغيرها من الإختصاصات ، وأكثر هذا الغبن هو البنيات التحتية التي تؤزم الوضع باستثناء المعلمة الوحيدة، ولا يمكن أن تكو ن مرتعا لجميع الأندية السوسية في غياب ملاعب إضافية، والحسنية عندما تخطط للأفق على أنه لن يكون عاديا على ألإطلاق، إنما تراهن على قلب المواقع والقرارات والصمت الذي قتل الفعل الرياضي لسنوات طويلة من التهميش من خلال نظرة الجمهورالسوسي خاصة والجمهور المغربي عامة لكرة القدم العالمية على أنها اليوم محطة كبيرة وكبيرة للمقارنات بين كرتنا وكرة الآخر.

وربما أيقن السوسيون على أن تطور الفعل الرياضي بالمدينة سيكون له حافز إيجابي فيما لو كرست الإستراتيجية الأولى لكرة القدم على مستوى البنيات  والتدبير والتمويل والتكوين والتواصل مساميرها الثابثة في عجلة التلاحم الجماعي لكل أقطاب المدينة، قبل أن تصبح أكادير واحدة من علامات الزحف على الألقاب دون أن يقتصر الأمر على أندية معروفة من دون منافس حقيقي في كل شيء، وأرى الحسنية مثل الطائر المغرد المعروف بـ «الحسنية»، وقد تغني بعد هذه الندوة الجريئة – إذا نجحت فعلا قولا وتطبيقا – على مسار ينتظره المغاربة بعد سنتين أو ثلاث سنوات من انتظار الحسنية في خط الوصول إلى عالمية الرجاء.

والمسألة الرياضية بأكادير لا تقتصر فقط على نادي معين ما دام هو حجر الزاوية والممثل الحقيقي للمنطقة، بل على مكونات الفعل الرياضي الذي تدخل فيه القيادات السياسية كطرف في معادلة التنمية المحلية والسلطات المعنية وغيرها من شرائح المجتمع المدني، ولو استطاع السياسيون الذين يتنوع فيهم حب الإنتماء لعالمية الكرة بين البارصا والريال والباييرن وغيرهم من صناع الفرجة والألقاب ، أن يؤسسوا شيئا  - لا أقول ترفيهيا للرياضة كما يعتقده حتى بعض الوزراء – واقعيا للرياضة عامة بالمدينة على أنها مؤشر تنموي وليس ترفيهي ما دامت لغة المال تلعب دورا كبيرا في سوق الكرة العالمية.

واليوم نريد حسنية بطلة ومعطاءة وزاخرة بالكفاءات والنجوم التي نبحث عنها ومن كل الإختصاصات التي تمثل نفسها بالمنتخبات الوطنية، ولا نريد حسنية خارج التغطية، ومسؤولين نشطاء بالقول لا بالفعل.. وسوس لها رجالها ومستثمروها وأغنياؤها وعيب عليهم أن يتاجروا في كل شيء سوى الرياضة ذات العمق العالمي والريادي والمالي.

ولست هنا منتقدا لأضغط على الجرح ولكن منبها لسنوات من الضياع لفريق فاز بلقبين متتالين ونام بعدها على الإنتظار دون العطاء في أي شيء على الأقل ليقدم لنا إسما سوسيا بالمنتخبات الوطنية، وآمل أن يكون مشروع الحسنية موثقا بالفعل والصورة والمتابعة لا باستهلاك إعلامي وكلام موضوع على الرفوف.