إن كان هناك ما يقدم أوجه الميركاطو الجديد بتنوع واختيارات اللاعبين الجدد من طرف المدربين، فهناك ميركاطو آخر من نوع جديد يقدمه المسيرون من خلال الإقالات التي تدخل عالم كينيز للمدربين بأحد أقوى بطولات العالم في هدم معنويات المدربين، كما ننتظر في زمن ما ميركاطو حصري للمسيرين فيما لو أعلنوا صراحة عن فشلهم التدبيري ومحاسبتهم للمسؤولية الملقاة على عاتقهم.

عار ثم عار أن يكون المدرب شماعة للنتائج والهزات والأزمات النفسية التي يتلقاها المدربون بتنوع ردات الفعل التي تأتي عادة من دفع المدربين على الإستقالة، والضغط الممارس عليهم من كل الأطراف مثلما جهر بذلك الإطار عبد الرحيم طاليب بخطورة موقف الدخلاء لإقالته، طبعا تبقى هذه النية المبيتة للدخلاء ليس على طرف واحد وإنما على أطراف كثيرة بالأندية الوطنية في واحدة من البطولات التي تعرف خدشا لواقع التسيير الهش والإساءة لأي مشروع يقدمه المدرب ولو أن المشاريع في عادتها لا تتم تعاقديا حسب المدة، بل تتوقف عند الحد الذي يودع فيه أي مدرب فريقا ما.

وعار أن تستقر بعض الأندية على مدربيها لأنها أفضل بكثير من نوايا المسيرين الفاشلين، وعار أيضا على مسيرين لا يفهمون على الإطلاق أن كشكولهم من اللاعبين لا يملك الثقافة التكتيكية الشاملة والإضافة القوية التي تمنح للجمهور فيلقا من النجوم داخل الفريق الواحد، وعار أن يهدر أكثر اللاعبين فرصا بالجملة كما لو أنهم يتعلمون مبادئ الكرة في قسم الكبار مع أن الواقع يقول بعدم قدرة الإبداع والخلق لدى اللاعب، والحالة هاته أن العديد من الأندية إن لم نقل جلها يعيش على وثر إهدار الفرص بركام كبير لا يتحمله المدرب على الإطلاق وإنما يتحمله اللاعب في المقام الأول إسوة بجميع معطيات المراكز التي لا تقدم للمنتخب الوطني أي وجه نجومي من المستوى العالي داخل البطولة، فهل المدرب هو من يتحمل هذه الصورة النمطية لتواضع اللاعب المغربي؟

المدرب في صورة أزمة النتائج في العالم لا يقارن بالمدرب المغربي لأن اختلاف الكرة الأوروبية بنظيرتها المغربية يظهر في الأندية المحترفة تكوينا نموذجيا يسهل على المدرب ترجمة خطابه التكتيكي بمؤشر الثقافة التكتيكية التي يملكها أي لاعب في العالم عدا الموهبة الخارقة التي لا يمكن لأي مدرب أن يتدخل فيها لأن النجم الخارق هو من يصنع الحدث ويمكنه أن يمنح الفوز لوحده في مناسبات ناذرة، بينما المدرب المغربي يتلقى الضربات في حكم النتائج سواء كانت إيجابية أو سلبية مثلما حصل لطاليب وهو يغادر الوداد بأفضل حال وبناء للمستقبل.

أبدا لن نقبل بهذا الوضع السيء لتدفق الإقالات والإستقالات للمدربين بأشكال متفرقة من النوايا السيئة، ولن تكون لنا أطر عليا إذا عاشت على هذه السيناريوهات المدمرة من المحيط قبل أن تكون أزمة نتائج، ولم يتعلم مسيرو المغرب معنى الصبر على مدرب ما مقارنة مع أوروبا الناضجة في دعم أطرها والصبر عليها كثيرا حتى في أقوى لحظات فريق متكامل فنيا ومهاريا وتكتيكيا مقارنة مع الهشاشة المغربية فيزولوجيا وبدنيا وتكتيكيا.

وحتى اللحظة إرتفع الرقم إلى ستة عشر مدربا أقيل من منصبه، وسيرتفع العدد لاحقا كموضة يتعلم فيها على الأطر أكثر من الإستبلاد الذي ينام عليه أكثر من مسير يرى نفسه وريثا للنادي ويتحكم فيه كأنه شركته وحياته دون أن يرى نفسه بعيدا عن جحيم  عتاب الجماهير المنادية برحيله، أو أولئك الذين يخسرون أموالهم ورزق أولادهم في زمن لم يعد فيه الضغط متحملا لهذا الإهدار المرير لرزق العائلة على فريق الكرة.

نهاية، هناك مدربون يحترمون عقودهم وهناك أيضا مدربون متسلطون ويضربون بعضهم البعض، وهناك مدربون ناجحون بنجاح التلاحم مع كل الفئات، ومن يدخل هذا العالم الغريب سيجد نفسه في غابة جحيم لا يعرف من أين ستخرج له الثعابين، كما أن هناك مسيرون ناضجون وآخرون فاشلون.