قد يكون الأمر غير مفاجئ عندما يحسم الفريق البافاري لقبه 25 قبل نهاية البطولة بأربع دورات ، لكن ما عاشه الفريق خلال هذا الموسم من إكراهات جوهرية طالت العديد من نجومه الكبيرة لدرجة دار فيها الفريق ب 25 لاعبا ، خمسة منهم كانوا دائما في عداد المصابين وهم فرانك ريبري وباستيان شفاينشتاينر وهولغر بادشتوبر وفيليب لام وديفيد ألابا مع احتساب وضعية الدولي المغربي المهدي بنعطية الذي استأثر هو الآخر بإصابات أزعجت المدرب الإسباني بيب غوارديولا ، أحدث رجة فعلية بالنادي وبدرجات قياسية لمواجهة أقوى النزالات سواء في البطولة أو عصبة أوروبا أو كأس ألمانيا . وما حدث اليوم على مستوى النتائج يؤكد أن الآلة الألمانية لم تهدأ في أكثر المواقف حرجا وقوة أمام أعتد الفرق الأوروبية ، وأيضا أمام الأندية الألمانية . والغريب في الأمر أن غوارديولا استطاع بتحدياته وإكراهات الإصابات التي وضعته في حكمة المغامرة أن يلعب في بعض المناسبات ب 14 لاعبا  جاز له تحقيق أفضل النتائج دون أن يتحجج بما هو واقعي وصعب لإستدارة الفريق بهذا الكم الضئيل دون أن تزداد المخاوف من إصابات أخرى ، أي أنه عانى أصلا صراع موسم وصل فيه إلى جملة أهداف أبرزها لقب البطولة ، والوصول إلى نصف نهائي عصبة أوروبا ونصف نهائي كأس ألمانيا التي لعبها الثلاثاء الماضي ، ما شكل لدى الرجل إحباطا في عملية جمع الكوموندو الجاهز حتى ولو كان قليل العدد دون أن يشتكي من هذه المعضلة رغم أن موقفها صعب وصعب للغاية على المدربين . 
وهذا النوع من المدربين الكبار ، لا توجد عقليته عندنا في المغرب بالنظر إلى المقارنات الموضوعية بين لاعبين كبار بألمانيا ولاعبين عاديين بالبطولة الوطنية ، ولكن ما هو جوهري أن المدرب الكبير هو من يقيس حجم كشكوله العام من اللاعبين ويضع الأجندة لكل الأحداث وفق قراءة منهجية بين ثلاثية الأبعاد الكروية ، والمدرب الكبير أيضا لا يمكنه أن يتحجج بالمعضلات الموضوعية بين يديه لأنه يعرف مقاسات وحجم فريقه بالكامل نهجا وأدوات فنية وخصوصيات تكتيكية تضعه في المنحنى الصارم أمام حلول ذكية لتحقيق الأهداف المرجوة ، أي بوضع قوة تعدد الإختصاصات كمنفذ صريح لمعالجة وقائع الأحداث . وأكثر من ذلك يؤكد غوارديولا على أن مثل هذه المشكلات هي التي تضع المدرب أمام ورقة فنية يستدير بها الفريق المعاق من مصابيه ورغم قلة مجموعته . والفريق البافاري شكل هذا الإستثناء الأنطولوجي في أصعب تجلياته وتخريجاته ، وأبدا لم يشتك مسؤولو الفريق  بأسمائهم الثقيلة مما عانى منه غوارديولا ، بل ساندوه في المحنة ووصلوا إلى لقب سهل المنال وبدون عذاب المرحلة لكون مخططات أي مدرب عادة ما تكون إيمانا باقتناص النقط وحصد المزيد في كل مباراة خشية الوقوع في مصادمة مفاجئة وعابرة مثلما قادت نادرا باييرن بالخسارات الطارئة . وهذا هو موقع كبار الأندية كيف يتعاملون مع الألقاب ، لكون فلسفة النادي أن يبقى دائما في مصاف العظماء ولا يمكنه أن يكون فريقا هامشيا أو يتنازل عن ألقابه كثقافة لا تسود إطلاقا في كرتنا الوطنية .
وبنعطية الذي خلق هذا الموسم ليفوز بلقبه التاريخي في مسيرته الكروية ، دخل في منظومة غوارديولا أيضا وكمعادلة قوية في التشكيل العام رغم الهزات التي صادفت المدرب كلما تعلق الأمر بإصابة أي مدافع ومنهم أيضا الوافد المغربي ، كما كان المغربي رجل مواقف لدى غوارديولا وأحاطه بتقدير خاص كلاعب ذو قيمة مضافة مع رعيل كبار المحترفين بالفريق ، وبالفعل شكل بنعطية في 13 مباراة رسمية من البطولة وخمس مباريات في عصبة الأبطال ومباراة واحدة في كأس ألمانيا أي بقاس 18 مباراة ، أداة هامة في خط الدفاع واستحسنه المسؤولون برغم الإنتقادات العابرة التي كانت تنزل على بنعطية وعلى من اختار بنعطية  وعلى من اعتبر انتداب بنعطية بالفاشل  ، لكن جرأة بنعطية أفشلت هذا الرأي وقدم أكثر من شهادة إثبات مؤكدا أن ما يحدث للباييرن ربما كان جراء تراكم العديد من المباريات على سائر اللاعبين عبر الأحداث التي سطرت أهداف الفريق بالإنجازات في زمن قياسي لم ينعم به الكثير منهم بالراحة وكان وقع ذلك منصبا في جحيم الإصابات التي طالت النجوم الكبيرة . ولكن يبقى في النهاية مقام الفوز باللقب هدفا استراتيجا تحقق في أصعب المواقف ، ولكنه جاء مريحا وبسهولة لم تضع الفريق في الحسابات العسيرة والمعقدة .