سأعود لملوك المدرجات أصلا في هذا التتويج المبارك لوداد الأمة بجمهورها التلقائي وشريحة الوينيرز الشرط الملازم لعواصف الحب الأحمر طيلة مسار الوفاق والمصالحة التي طبعت الفريق بانصاره بعد عام من الغضب والرفض على كل وقائع تسيير الزمن القريب ، وملوك الكرة الحمراء بالدار البيضاء وفوق كل المدرجات الساخنة بالتهليل والشعارات هم من كانوا وراء هذا العز الجديد للوداد بعد خمس سنوات من الإنتظار، صحيح أن رجال الرقعة بمن فيهم الرجل الخبير طوشاك كانوا أسياد العيد بمن فيهم رجال المرحلة في التسيير بعيدا خزعبلات ما يقال عن تأثير رجل المرحلة سعيد الناصري كرجل ينتمي لحزب سياسي – مع أن السياسة لا تهمنا على الإطلاق – لكن ما هو مؤكد أنه عندما توضع أمامك استرتيجية متكاملة في البنية البشرية والمالية والفكرية والتقنية ملاءمة باستقطاب جمهور كبير وكبير يؤمن بوداده الحقيقي، لا يمكن أن تخسر الرهان حتى ولو كان أعداء النجاح من داخل النادي متربصين بلحظة ما من اللحظات في قتل مبادرات الفرح الدائم، والوداد نجحت في رصد هذا الحلم الخرافي في موسم استثنائي دخلت فيه أولمبيك خريبكة كرافعة مهمة في معادلة المناوشة على اللقب حتى آخر أنفاس البطولة الإحترافية.
واك.. واك.. من يهواك؟ سؤال لا يمكن أن يجيب عنه إلا رجالك في المدرجات، وربما ازداد هذا الحماس مع أشكال الضغط الذي تعود عليه شيخ المدربين توشاك الذي أعرفه في مسار عمله التقني بريال صوصيداد ومدريد ولاكورونيا أكثر من المسارات التقنية الأخرى، وأكثر من ذلك عندما قاد الوداد على تعلم الضغط والحرص عليه في صناعة النتائج حتى ولو كان قائما على الأجيال الصغيرة أمثال وليد الكرتي وهجهوج ومترجي وأصباحي وغيرهم، كما كان للرجل دور كبير في تغيير الوداد من أزمة نتائج إلى صحوة الأفراح ومن مقاطعة الجمهور لفريقه إلى حب عائد بالتدرج وإلى عز الألقاب، صحيح أن من يصنع الفريق هو المدرب، ومن يصنع المدرب أيضا هو الفريق ذاته ، لكن بداخل هذه التوأمة تتجسد الملحمة الهلامية لحناجر مبدعة في قالب يؤسس ليس لوداد الأمة كشعار ولكن صراحة الإبداع الذي يمنح للاعب معنويات كبيرة في استثمار هذا الإخلاص الكبير لجماهير الوداد، ولاعبو الوداد جميعا اكتنزوا هذه اللحمة القحة النفسية لصناعة النتيجة التي يقبل بها أي كان من المناصرين مثلما تتفاعل شرائح المجتمعات العالمية مع المناصرة الحقة للريال والبارصا، وتوشاك أصلا يرى في جمهور الوداد هذا النوع من التأصيل الذاتي والمملوك الذي لا يقبل بما هو سلبي.
لست لا وداديا ولا رجاويا ولا أي كان من الأندية رغم مغربيتي لأني مؤمن بالحياد ولا أمدح أيا كان إلا من باب النجاح المفترض أن يكون بهذه الصيغة المجتمعة في صناعة اللقب وليس من باب الفوز في مباراة ما، لأن ما يكتب كقاعدة هو عمل الموسم عامة بأشكاله الرقمية مالا وخطة وأهدافا، والوداد عندما وصل إلى التتويج مفروض أن يتغنى بعمله الناجح، ولو كانت خريبكة والرجاء وتطوان وغيرهم بنفس التوجه سألازم نفس الحديث بما هو مجسد مثلما كان ذلك في مونديال الرجاء العالمي وتطوان التي تتوهج سنويا نحو عالمية الندية المحترفة، والوداد عندما يفوز اليوم بقلوب عشاقه ليس في الدارالبيضاء فحسب، ولكن في خريطة المغرب، من المفروض أن نرفعه فوق هودج الأعراس لأنه بلا منازع عريس الكرة الوطنية. 
أنا اليوم ودادي ووجدي وطنجاوي في الألقاب، وغدا مع فرق أخرى تخطط لنفس الأطروحة، وقد تظل الوداد وفية لهذا التقليد وقد لا تكون، ولكن ما هو أساسي أن الفريق المثالي في أدائه وحماسه ورغبته في الفوز كثقافة مرسخة في الذهن والإحتراف، هو ما يرغب في متابعته وطنبا ودوليا، والوداد مطالب بهذا الجسر الجديد في عصبة الأبطال الإفريقية كثقافة يراد من خلالها تكريس الفعل التقني والنفسي والملحمي في بطولة قصيرة تحملك نحو عالم مونديال الأندية، فهل يمكن للوداد أن يفكر في هذا المشروع الذي تخاذلت فيه الأندية الوطنية لسنين عديدة من التهاون؟
والوداد في الشق الآخر كبطل، يمكن أن يكون في زمن ما ملاحقا للدولية بالمنتخب الوطني كهرم يتأسس عليه المنتخب المحلي أو الأول من خلال هوية لاعبيه ما إذا كانوا أقدر على الإحتراف الأوروبي وليس الخليجي شريطة أن يقاوم جيله على تكريس مبدإ القوة والسيرورة الدائمة لربح مكانة رئيسية داخل النخبة أيا كانت أعمارها انطلاقا من صناعة الذات التي يؤمن بها رجال التسيير في جعل الوداد منبتا خالصا لصناع النجوم. 
نهاية، هنيئا للوداد بهذا التتويج التاريخي بنجمته 18 في سبيل أن يظل الموسم القادم بنفس الهوية على مقاس خبرة رجاله كل في وضعه المناسب للنجاح.