في كرة القدم، لا يمكن أن ينزع مفهوما الضغط والإستصغار من القراءة القبلية والبعدية لأي مباراة كيفما كانت قيمتها. والضغط على الفريق الـمستقبل بميدانه في منحاه النفسي يبدو حاضرا لأنه هو من يبحث عن النتيجة عبر مسلكيات قراءة طريقة الخصم ومن أين يستهلك الحلول الـملائمة لصناعة الفوز أيا كان الخصم ضعيفا أو قويا، ولكن الضغط يعلو أمام الأقوى عادة، ويكون أشد قوة عندما تكون خاسرا أمام الأضعف، وفي ذلك إرتباط وثيق بمفهوم الإستهزاء والتقليل من الخصم في مستواه العادي والعادي جدا، لكن عندما تنقلب الأشياء على وقائع الـمفاجأة تبدو سخرية القوي مسخرة لذاته. وهنا تطرح مباراة الـمغرب وليبيا على نفس هذا الوثر الحساس من الـمقارنات الواسعة بين منتخبين متباعدين في الأرقام والـمكونات البشرية والإستقرار الأمني والتحضير النفسي وغيرها من التقارير التي تفيد بقوة الـمنتخب الـمغربي على نظيره الليبي. وما هو حاضر عادة في أسلوب الـمدربين الذين عاشوا تحت ضغط الـممارسة أن هذه العقلية مطروحة في سياق التحضيرات التي تجعل اللاعبين أكثر ثقة في صناعة النتيجة وبإفراط كبير في تقزيم الخصم، وهو ما نخافه في أن يكون أسود الأطلس ممتعين بهذا الإفراط الكبير في وضع فرسان ليبيا في جيب الإنتصار. وما يقوله الـمدرب الإسباني خافيير كليمينطي من أن الـمغرب هو الـمضغوط عليه وليس منتخبه أصلا برغم إكراهات الـمرحلة التي يعيشها بعيدا عن بلده بسبب أوضاع الحرب، صحيح أمام حافز كيفية البحث عن الفوز. والأسود في مثل هذه الـمواقف تعيش على هذا الـمنسوب النفسي في البحث سريعا عن الهدف الأول سيما أمام تكتيك خاص يفرضه الخصم أمام تكثل دفاعي برائحة غدر الـمضاد.
والـمنتخب الليبي الذي تعادل وديا أمام مالي بهدفين لـمثلهما في أول حضور له منذ مدة طويلة رغم إكراهات إلغاء وديتيه أمام السودان وفلسطين في معسكر تونس الاخير، كنا قد أشرنا إليه في قراءة تحليلية من أنه يعيش لحظة بناء جديد لشباب طموح، ونعرف حثما عندما يكون الشباب في قمة الطموح ومدعما برجال الخبرة وأمام واقع اللاضغط حتى ولو عسكر خارج بلاده، يرفع شعار التحدي ويتمسك بحكمة الـمؤشر النفسي الذي يدفع به أي مدرب مختص في جانب تعبئة البطارية، وهذا هو ما يشكله الـمنتخب الليبي الذي فاز قبل سنة بلقب كأس إفريقيا للمحليين مع نفس الـمدرب الإسباني. والثوار الليبيون من جانب الـمحك الجديد أمام منتخبين مغربيين للكبار واـلمحليين سيدفع نفسه لخلق اكبر الـمفاجآت إن هو لعب بنفس التشكيلتين أمام منتخبين مغربيين مغاييرن بين اـلمحترفين والـمحليين، وسيكون من الأسوإ أن يخلق فرسان ليبيا مفاجأة من العيار الثقيل في ظل غياب بطولة مع حضور شحيح في الكؤوس الإفريقية التي أقصي من خلالها فريقا الإتحاد والأهلي الليبي. ولذلك نحن أمام ظاهرة غريبة وضد منتخب يفتقد للتنافسية الـمطلقة، ولكنه يجتمع ومؤلف من ثلاثة أندية معروفة على الصعيد الإفريقي، وعيب وعيب جدا أن يتعثر الأسود في قمة تنافسية محترفيه مع منتخب يتحدى صعابه من أجل الـمقاومة حتى خارج بلده.
ما أعرفه عن الزاكي شخصيا أن الرجل عاش ضغط الـميادين عندما كان لاعبا ، وفرض عليه الضغط من كل الجوانب في كأس إفريقيا 2004، ويعود اليوم تحت ضغط استعادة مجد المنتخب الـمغربي ضمن مجموعة يقال عنها بالسهلة أمام عتمة منتخبيين في غاية الحيطة والحذر منهما بقيمة ليبيا والرأس الأخضر الذي ظل وما زال يمثل الكرة البرتغالية وليس بلده بالأسماء الـمتواجدة خارج ذات الرأس الأخضر. ومن يقول بسهولة تجاوز هذين الـمنتخبين أساسا فهو واهم لكون الطموحات متباينة والرأس الأخضر متقارب مع الأسود في الـمجسم الإحترافي. ولذلك من الأولى أن نقرا فوز الرأس الأخضر على ساوتومي وبحصة قد تكون كبيرة، مثلما نقرأ فوز الأسود على ليبيا وبأي ثمن لـمباركة هذه البداية بتفاصيل ما سيصنعه مدرب ليبيا لإيقاف الزحف الـمغربي، وما سيقرأه  الزاكي بناء على ودية ليبيا ومالي ليس من محكم الإٌستراتيجية التي لعب بها الليبيون لكونها ستتغير بالتكثل الدفاعي، ولكن من هيأة الوجوه التي اعتمدها في ذات الـمباراة. ولذلك لن يكون خيار الأسود لإنهاء حلقة الـموسم التنافسي سوى الفوز الذي يبني هيكلة الـمجموعة أمام معبر ما سيفعله الرأس الأخضر في النتيجة الرقمية، شريطة أن يبعد قيم التقليل والإستصغار.