لم يكذب النجم المغربي الأسبق مصطفى حجي والمدرب المساعد للناخب الوطني الزاكي بادو عندما قال أن من يريد حمل القميص الوطني، عليه أن يموت في حب بلاده ويفتخر أشد ما يكون الفخر بانتمائه لوطنه حتى ولو كان مزدادا في بلد أملته ظروف تحول عائلته هناك لسنوات طويلة، ولم يكذب أيضا عندما قال أن العديد من أولياء الأمور يعتبرون فلذاتهم المورد الرئيسي لعيشهم أو كما سماها بالبطاقة البنكية التي يسحبون منها أموالهم إذا قبل حمل قميص بلد آخر يمكنه من الإمتيازات المالية، فيما تقل إذا حمل قميص المنتخب المغربي.
مصطفى حجي وكثير ممن عبروا حبهم للوطن شكلوا النواة الرئيسية لهذه الروح الوطنية التي لا تباع ولا تشترى ليس من زاوية الأبناء فحسب ولكن من أولياء أمورهم الذين غادروا البلاد قبل سنين طويلة دون أن ينسوا عرقيتهم وأصلهم وفصلهم وكانوا للأبناء قدوة في احترام الوطن الذي ازدادوا فيه الأب بعد الجد، أما وإن لم يرغب الكثير الآخر في حمل القميص الوطني لأكثر من سبب مع أن حب الأوطان لا يقبل بالتعدد أو التزاوج، بل بوطنية واحدة، فتلك قصة يتأصل فيها مقام التربية الفاضلة من الأباء والأمهات معا، ورفض أي لاعب مغربي الأصل حمل القميص أو التلاعب به بين حمله والإنقلاب عليه لا يمكن أن يكون بمحض إرادة اللاعب ذاته بل من العائلة والنادي والجامعة ونشطاء اللعبة وما إلى ذلك من أدوات الضغط، بينما الضغط الذي يشير إليه مصطفى حجي هو ضغط الأسرة في المقام الأول، وقد عشنا جميعا فصول قدوم كبار نجوم المغرب وكيف تألقوا ورفعوا أسهمهم من صورتهم المثلى بالمنتخب الوطني ككوطة دولية ترفع أصلا قيمة وسومة الإنتقالات، والحديث عن هؤلاء بمداد من الفخر على أولئك الذين فرضت عليهم الضغوط خوفا من شيء واحد اسمه عزة المال والتكوين الذي لقيه من هناك .
ولم يكذب حجي أيضا عندما تحدث عن كومة من اللاعبين يرغبون في الإستعطاف والتوسل إليهم من أجل تلبية نداء الوطن، ولكن هذه الإشكالية مرتبطة أولا بفكر المسؤول المغربي الذي ينساق نحو هذا الإتجاه المعاكس والمرفوض إطلاقا، ومرتبطة ثانيا بأنانية المحترف على أنه نجم فوق المسؤول أيا كانت رتبته، ومرتبطة ثالثا بالتربية الهشة من أسر تقضل بقاء أبنائها بالبقاء إلى جوارها وتطالب بالتريث تم التريث مقابل الإستجداء وعزة تقديم ابنها للوطن على أنه ليس نداء الحب ولكن نداء المعاينة مثلما حصل في العديد من المناسبات لدى لاعبين حملوا القميص الوطني في مباريات ودية وهربوا بعدها نحو البلد الآخر. 
ولم يكذب حجي عندما أكد على أن هناك فيلقا آخر لا يقبل بالنداء ويقفل الحديث في هذا الموضوع ويغير مسار المفاجأة حتى ولو أتى إليهم أي مسؤول مغربي من أجل تقديم المشروع على اللاعب، وحتى إن أتى المسؤول إلى الأسر المعنية للقاء إبنها فلا يجد كثيرا من الترحاب ويظل ماكثا إلى حين عودته بدون فائدة، والفائدة مفهومة طبعا، لا لشيء إلا لأن مقولة «ماذا سيضيف المغرب للمحترفين في نظر الأسر المغربية بأوروبا؟» يظل هو السؤال المعلق والكبير أمام أسر قبلت بوضع عيشها هناك ورفعت منسوب عزتها ببقاء أولادها كنجوم ولا يمكن للمغرب أن يقدم أي شيء من السخاء لأولادها.
ولم يكذب حجي عندما قال أن أقلية الدوليين المغاربة رفضوا تمثيل بلدان إخرى رغم الضغوط التي مورست عليهم، لأنهم تربوا على حب بلدهم الأصلي ولا يمكن أن يخدموا بلدا آخر غير بلدهم وفي أقل الحالات تشريفا في كرة قدم تبنى على زمن يسير في التمثيلية وليس لعمر طويل مع أن زمن كرة القدم ليس طويلا، ثم ماذا تعني التمثيلية والإستفادة من المال بالمنتخب الوطني؟ وهل يمكن للاعب أن يغتني من منتخب فرنسا مثلا على حساب منتخب المغرب؟ إطلاقا لا.. فالمنتخب الوطني لا يشكل زمنيا في عمر المحترف سوى مباريات دولية لا تقاس بالإحتراف اليومي بالنادي وحتى بالرواتب والإمتيازات والصفقات، ولكن بالمنتخب ليس به صفقات، بل سمعة كبيرة هي من تبنى عليها الصفقات في سوق الإنتقالات، ويكذب من يقول أن المنتخب الوطني ليس به امتيازات مع أن حضور المحترف لا يكون إلا لأيام قليلة وليس لشهور، هذا هو الفارق الأصلي في الموضوع لأن لا منتخب فرنسا أو أي دولة أخرى لا يمكن أن يجنس الأفارقة والعرب من 25 لاعبا في غياب أي فرنسي أو هولندي أو.. أو.. فما بالك كم لاعبا مغربيا يوجد في أي دولة يرى نفسه مؤهلا لحمل قميص الدول . أنها قمة السخافة التي تستبد بتفكير أسر تضغط على أولادها بكثير من الحالات الغبية لا لشيء إلا لأنها هذه العائلات تنظر إلى أبنائها على أنهم بطائق بنكية.