أعرف جيدا أن الزاكي لا يهمه في المجموعة سوى الرأس الأخضر مع الحذر المفروض أن يكون أولوية لدى ليبيا التي كانت أقرب إلى خلق المفاجأة الكبرى أمام الرأس الأخضر أيضا ، وأعرف أيضا أن الزاكي حتى وإن كان سعيدا بالنقاط التي يناقش بها صراعه مع المنافس الأول ، فهو غير سعيد على بعض الأدوات المحورية في الفريق الوطني في سياق الأخطاء وسوء النجاعة الهجومية وربما حتى عدم استقرار التوليفة المعتادة للفريق الوطني، ولكن ما هو بديهي أن الفريق الوطني المطالب بالأداء لدى الجمهور المغربي لا يمكنه أن يقدم ذات الوصفة الهلامية أمام ساوطومي بنفس الوصلة التي أراحت الجمهور المغربي أمام الأوروغواي، لكون المقارنة واضحة بين الودي والرسمي، ولكون الشكل الذي قدمه الفريق الوطني أمام الأوروغواي كان في عز تنافسية الدوليين، والحالة هاته أن مباراة ساوطومي جاءت في عز البداية التنافسية وأمام خصم الأرضية التي لا يعرف البعض أن ما هو اصطناعي ليس هو الطبيعي أصلا مثلما يتحدث عن الفوارق بين المواد الغذائية المصنعة والمواد الغدائية الطبيعية، ما يعني أننا أمام ملعب برغم دوليته لا ينساق معه المحترفون الذين يلعبون في أرقى الملاعب الأوروبية والعالمية، وهو ما أفقد الأسود في كثير من الأحيان شخصيتهم وربما حتى المصائب المفروضة لحظات السقوط والإصابات المحتملة، وربما لو كان لساوطومي ملعب بعشب طبيعي لكان الكلام بأراء أخرى، وفوق عشب اصطناعي لا يمكن أن تقدم مباراة كبيرة بنفس الحماس أمام الأوروغواي، ولكن النتيجة هي التي تهم مثلما كان الحال عليه في سنوات ماضية عندما كان الفريق الوطني يلعب في الأدغال الإفريقية ويبحث عن أقل الخسائر وربما حتى الفوز من دون أن يكون للأداء دوره الكبير، وهو هذا ما نبحث عنه أصلا لأن الأداء سيأتي لا محالة في مباريات حاسمة ومصيرية شريطة أن تكون النجاعة الدفاعية والوسطية والهجومية قائمة ككل من خلال تجانس متكامل يخلص إلى الأداء الراقي، ما يعني في الإتجاه المعاكس أن الأداء الراقي في ظل الهزيمة لا يفيد،  ولذلك فالفريق الوطني الذي يشعر فيه الزاكي اليوم بعدم الرضا الجزئي لا يمكن أن يقال أنه فريق وطني متكامل مائة بالمائة وهو يعرف ذلك، والحقيقة أن التكامل يأتي مع الإستقرار والإختيار الجريء في وقت يظل الوسط الدفاعي هو المشكلة (ولا زلت أؤكد ذلك) وضرورة البناء الأصلي لمنتخب ما هو أن تقدم الإكتشاف لوجوه مقاتلة وسريعة وصغيرة السن ، فكما لبرادة دوره كنجم صاعد أكيد للوسط القشاش مقاتلون في المغرب وأوروبا حتى يتناغم مع المجموعة، والوسط الدفاعي (عوبادي والأحمدي) على مستوى سنهما يجعلهما ثقيلين في الربط بين الدفاع والهجوم مثلما هو الحال أيضا مع داكوسطا الذي ظهر متثاقلا خلال هجمة المهاجم جون الذي سدد في العارضة من هروب سريع، وهذه التفاصيل الجزئية لدى البعض أعتبرها قوة الأخطاء ولازمة أساسية، ولذلك يبدو الوسط معضلة بدون حل في البحث عن البديل حتى ولو كان عصام العدوة هو الخلف المؤقت، ولكن الخلافة الأصلية هي أن يكون المسعودي وسعدان وغيرهما مؤهلون اليوم لحمل المشعل بدون خوف، والزاكي الذي يعتمد على الخبرة والنضج لا يمكن أن يظل أمام هذه الحلول الترقيعية وإلا لما قيل أنه بنى الفريق الوطني من أصحاب ما فوق الثلاثين .
والعرابي الذي يحمل زناد الهجوم كاد يتفوق على نفسه وتاريخه بالفريق الوطني لو سجل كل الفرص الضائعة (ست فرص) ولكان هو هداف الأمسية التي سيشتغل عليها الرأس الخضر لاحقا، ولكن ما ضيعه أصلا لا يتحمله الزاكي حتى وإن قال البعض بدخول ياجور، لكون الزاكي يعرف أن تنافسية العرابي أقوى من ياجور الذي لم تنطلق بطولته القطرية بعد، والعرابي الذي أهدر هذه الفرص التي لا تعوض بثمن لا يتحملها الزاكي وغيره من المدربين حتى وإن لم يكن الفريق الوطني منتصرا ، كما أن العرابي نفسه لم يحتمل هذا الإهدار المخيف وربما تأكد من أن فرصته تضيع تدريجيا وربما لو كان للزاكي مهاجم في أقوى تنافسية لأبعده في أوائل الجولة الثانية، ولذلك يدرك العرابي أن تسجيل الأهداف بغرناطة ليس هو بنفس المقاس في المنتخب الوطني للفوارق الكبرى بين نادي صغير بالليغا وبين منتخب دولة، وهذا ما نريد إيصاله للعرابي الذي ضيع فرصا سهلة لأسباب قد تكون نفسية بين الإهدار الأول والثاني والثالث قبل أن يكفر عن الندم بتسجيله الهدف الوحيد في سلة المباراة قبل أن يعود للإهدار ثانيا في أصعب المواقف حرجا ولو قيل أن الأرضية لم تكن ملائمة، ولكن طريقة تسجيل الهدف الأول وبالسرعة التي توفق فيها كانت أصعب من الفرص التي أضاعها، وتلك هي نقطة الضعف لدى العرابي عندما يفقد ثقته بنفسه.