بقدر ما يسعدني زئير المغرب التطواني المستقر في كل شيء داخل المعترك الكروي في البطولة الإحترافية، بقدر ما يحزنني الجدل العقيم والغضب الساطع في ثنايا البيت الودادي على أنه غير مقبول جملة وتفصيلا في تاريخ النادي، صحيح أن المقارنات تختلف في التاريخ والألقاب بين الطرفين، لكن واقع اليوم ليس هو الأمس بالنظر إلى طبيعة التغيير الذي يناشده أكثر من فريق، وتطوان تدخل الآن معترك الفريق النموذج في كل شيء نتيجة واستقرارا وأداء ومشروعا للأفق القادم المحمول على تنويع الصورة المثلى لكرة القدم الوطنية التي ظلت حكرا على أندية معروفة، بينما الوداد الثقيل في ميزان الأزمنة الماضية يعيش اليوم حالة عسيرة من الزكام الخبيث الذي لا يجد أدوية مضادة للعلاج، طبعا ما هو واضح أن بيت الوداد ليس محنطا بسياج إسمنتي في كل الإتجاهات التي تزعزع استقراره التاريخي، ولا يتمتع بقدرة العقلاء على أنه بيت لكل الرجال في التناوب، بينما هو مؤسس على عقلية تحميل المسؤولية دائما على اكتاف المدربين المقالين بلا أسباب، وليس هناك من يحمل المسؤولية على جميع الفاعلين في التدبير المستقبلي للوداد على أنه وداد أمة وليس وداد الغمة. وما يعيشه الوداد على كل المستويات وبين المؤيدين والمعارضين وتحت زحمة أم المصائب العدوانية التي ابتلي بها عرش الوداد لدرجة الترهيب والتخويف، ليس أمرا عاديا ولا ولن يقبله أي ودادي يعرف حقا كيف آلت وضعيته كعاشق ومنخرط ومساهم في الفعل الإرادي مالا وحبا وتعاطفا.
الوداد أحببنا أم كرهنا جزء لا يتجزأ من التاريخ الكروي في المغرب، ومن يدبره اليوم تحت طائلة رفض الكثير من الأنصار والجماهير المطالبة دائما برحيله، يدرك جيدا أن الوداد وغيره ليس ملكا لرجل واحد، ولست هنا ضد أي كان بقدر ما حريص على تنفيذ الرسالة الملكية بحذافيرها سواء تعلق الأمر بالوداد أو غيره في صلب المنظومة الكروية بالمغرب، ومن المفروض أن يكون أي مسؤول غير مرغوب فيه واثقا من نفسه على أنه قدم فعله التدبيري بكل النتائج التي أفلح فيها أو عجز، وأنه حري بالإبتعاد عن منصبه لمرغوب  آخر قادر على التغيير. وليس في ذلك عيب بقدرما هو ترحيب عملاق لمصداقية تعاقب الرؤساء سواء كانوا فاشلين أو ناجحين مثلما هو سائد في كبريات الأندية العملاقة، والوداد جزء من هذا التاريخ العملاق الذي لم يستند خلال السنين الأخيرة على تموقعه في الأحداث الكبرى ولا حتى مشروع مدرسة قائمة بصناع النجوم الصاعدة، والوداد بحاجة إلى نغمة عظمة البارصا والريال بتعاقب الرؤساء واستمرار النتائج الطبيعية  للنجاح. فهل حقا تملك الوداد وغيرها هذه الثقافة العظيمة للتناوب الذي يعطي النتائج لا الإستقرار في هز المشاعر والمصائب.
وتطوان التي تسير بثبات نحو اللقب التاريخي، لها مشروع كبير ليس في نوعية استقرار الإدارة المدبرة، ولكن في عجلة الإشراف العام للمدرب العامري على الفريق بعين المحترف صناعة وأسلوبا، ومشروعا لمستقبل استهل قبل سنوات قليلة مع رئيسه عبد المالك أبرون، على أنه نموذج للإستمرار مع رئيس مقبل بنفس النمط الملاحق للتدبير الخلاق، ولا يمكن أن يظل أبرون وارثا للنادي، ولكنه رجل قام بعمله المفروض أن يدعمه رجل من الزمن القادم على أنه آت لرفع درجات التطور. وهذا ما يجعل تطوان حاليا بمنأى عن المشاكل برغم فوارق الإمكانيات المرصودة بين الوداد وتطوان، ما يعني أن الوداد أنفقت أكثر من ثلاثين مليار في السنوات الأخيرة بدون اجتهاد في البناء والنتائج والألقاب، فهل تدرك الحركة التصحيحية ماذا يحدث الآن للوداد، وعن أي مشروع تتحدث؟ وعن أي رجل إنقاذ يمكنه أن يلعب دور استعادة المجد الودادي ؟ وعن أي توجه يقرأ تفاصيل ثقافة المنخرط بكل ظواهرها السلبية والإيجابية ؟