الميركاطو الخاص بالإنتقالات يمكن أن ننعثه بسوق الدلالة في الوقت الراهن مع أن هذه السوق أصلا ليست لها سلعة وافرة في العرض الأصيل بل لها عرض روتيني لسلعة مشغلة كيفما كان نوعها، وميركاطو الكرة في المغرب وكما أكدنا عليه منذ زمن قريب يعنيها هذا العرض المشغل بلا مواد خام ولا منتوج جديد ولا عيارات من المقاس العالي، بل هي عيارات عادية تعيش هنا وهناك عبر مدارات الأندية الوطنية وبحكايات سمسرة وطلبات عروض وربما بدعوات الإستغاتة للرحيل، الميركاطو الذي يتغنى به المدربون بأطيافهم وما أكثرهم من دعاة المناورة والإستنجاد بالتدريب لمسخ أشكال العطالة مع أنهم معنيون أصلا بانتقالاتهم أو حتى بحثهم عن لقمة العيش في أي نادي، يشكل اليوم موضة لا تتلاءم مع الإنتقالات الأوروبية «ديال بصح»، والموضة مفقودة الأجنحة اعتبارا إلا أن سوق اللاعبين في المزاد بخيسة من حيث الجودة العادية، وبخيسة لأن حتى هذه الجودة العادية منفوخة العرض ولا تتلاءم مع القيمة والموهبة والنضج الكروي. 
وعندما يقول سمير يعيش الإطار الوطني بالنادي القنيطري بعد مباراة الجيش أنه بحاجة إلى مهاجم يجيد اقتناص الفرص وبحاجة إلى تعزيزات إضافية، وما أكثر من سمير يعيش في ذات الرؤيا القويمة لضبط الشاكلة والتشكيلة المصاحبة مع النتائج، فلأن جميع الأندية معنية بالميركاطو ومعنية بالمقايضة البشرية وبأسعار يمكن أن تكون فوق فوهة البركان بالنظر إلى الحاجة التي تدعو إلى العرض المغالى فيه مع أن هذه السوق لا تعرض الجودة على الإطلاق وإنما سلع متفاوتة البيانات المهارية والرقمية والتنافسية مع أن الجودة القليلة لا يمكن بأية حال طرحها في المزاد على الإطلاق إلا إذا كان هناك ما يجعل نجم الفريق في حالة نقاش وسوء انسجام ومشاكل من كل الدرجات أو أنه مشاغب أو غير مرغوب فيه.
والحقيقة أن الميركاطو المغربي ينام على وثيرة قلة العرض في كل المواقع التي يريدها المدربون لتغطية مشاكلهم، ولا يمكن الإستجداء إلا من منبت الدرجة الثانية كعرض زهيد في الأسعار وباختيارات قليلة لأجود الأسماء المقبورة، وأندية الدرجة الأولى لا تعرض كما قلت سلعا من الأسماء الكبيرة حتى وإن كنت أتحفظ على الحضور الفعلي للأسماء العالية بحكم أن من يوجد اليوم بالمنتخب الوطني هم من الأسماء العادية، ما يعني أن السوق التي يطلبها اليوم مدربو البطولة الوطنية تعجز عن تقديم رغبات الكل بمقاس ما يطلبه سمير يعيش بخصوص بحث مسؤولي النادي القنيطري عن مشروع مهاجم والحالة أن سوق الهدافين المغاربة غير متوفرة منذ زمن بعيد وقس عليها كل الأدوار التي يشكو منها الفريق الوطني على صعيد الوسط، ولذلك من يعيش على نبض الميركاطو فهو خاطئ لأن سياسة الإنطلاق من البداية كانت خاطئة في التصورات التقنية لأكثر المدربين استقرارا وفي غياب عمل قاعدي يؤسس لمنبت وتفريخ وولادات الأجيال، والخطأ الثاني يضطلع به المسيرون في مشهد لا يقرأونه اختصاصا في سيرورة البناء القاعدي، ومن المفترض أن يكون المشروع القاعدي هو الحجر الأساس لتلبية حاجات الفريق الأول ما دام المال متوفرا في الخزينة، أي أن الحاجة للاعبين من الفريق الثاني كما هو معمول به في أندية أوروبا يظل هو العملة المفروض الإعتماد عليها تدريجيا في سياق ألفة اللاعب الصاعد بالإستئناس والإنسجام، بينما الحاجة الأوروبية هي من الجنسيات الكثيرة وحتى من أي بطولة أوروبية تعج أصلا بدرجات النجوم من المتوسط إلى المستوى العالي وبتكوين أكاديمي ومهاري وتكتيكي. 
الميركاطو المغربي الهزيل يفرض من اليوم سياسة عاقلة ليست للترقيع وإنما طرح موضوع مشروع اللاعب المتكامل في سوق متكاملة وذات سلعة متوفرة بالغزارة وبأثمان معقولة في زمن أصبح فيه اليوم كل شيء جاهزا في البنيات التحتية والمال واللوجيستيك والمناصرة الخالدة لأروع الجماهير وفرجتهم في المدرجات، بينما واقع الكرة اليوم أداء وقيمة وسوقا بشرية لا يتلاءم مع هذه الطبيعة في نظري على الإطلاق، والمشكلة يتحملها مسيرو الأندية كما قلت ومدربو الأندية لأنهم معنيون بالمنتوج الهش ولا يلدون من إنتاجاتهم الفكرية وجوها من القاعدة إلا الأقلية منهم، لذلك لن نتعجب إذا قلنا أن المنتخب الوطني المغربي الذي أصبح اليوم مرتعا لكثير من نجوم المهجر ومن اكتشافات الزاكي يغنينا عن السؤال الكبير وهي أن بطولتنا ضعيفة بالموارد البشرية من صناعة عالية، وضعيفة لأنها تتكرر بنفس سيناريو الأسماء التي ترحل موسميا عبر الأندية.