شدني إعجاب كبير بما رسخته ثقافة المناصرة الرائعة لجمهور الوداد وبكل فصائله ومكوناته في حفل التأسيس التاريخي لملاحم فريقه طيلة 77 سنة من الأجيال المتعاقبة جمهورا ولاعبين ورؤساء ومكاتب مسيرة على مر هذا الزمن الكبير لمولود كبر ونما وشاخ على العديد من الوشاحات والرجالات العظيمة والقلادات التي أثثت الخزانة الحمراء، مثلما عاش ذات الزمن على الصراعات والمشاكل بحب الغيرة والقتال من أجل صمود الوداد علائقيا ووجدانيا مع الأجيال، ولم يأت هذا الإحتفال الميلادي عنوة ولا تلقائيا بقدر ما خطط له بالعقل والصورة الإنطباعية التي يمكن أن تقدم الوداد على نحو آخر من العلاقة التي تتأسس بين الأجيال وليس ملكا للأفراد، صحيح أن الجمهور الودادي وبكل قدمائه وشرايينه الأخرى صممت الإحتفال على أنه ذكرى تاريخية لا تنسى بالسهولة رغم كل المشاكل التي عششت في عمق الفريق ورغم النتائج القاسية التي زعزعت المسار، ورغم الرفض والمقاطعة المطلقة لحضور الجمهور في الكثير من المباريات التي إهتز فيها الفريق بمسلسل الإخفاقات الرقمية والتقنية، وعانت الخزينة منها أزمة مالية خانقة لتراجع مداخيل الفريق.
ويأتي هذا الميلاد الأنطولوجي كأكبر رد للجمهور الذي يمكنه أن يخلق الحدث في أية لحظة تاريخية دونما التقيد بأفكار ومشروع أي مكتب يرى نفسه أقدر على تنظيم كبريات الأحداث مثلما قدم في ميلاد 77 لتأسيس الوداد  من طرف الجمهور الودادي المعروف كجمهور الرجاء على أنه أولوية أي حدث في المناصرة والدعم والإحترام وهو من يضخ الأموال والميزانية الموسمية للفريق أيا كانت المساندة المالية من الراعين الإستشهاريين، وجمهور الوداد كأي جمهور في العالم له غيرة صادقة على فريقه وغيرة احترام تاريخه، وغيرة على إبطال المصائب التي يراها أو يرفضها بثقافة المقاطعة وصنوف الأفكار السامية للرفض الموحى به في اللافتات أو التعبير الشفهي لرجال أي مرحلة فاشلة، وما فعله الوينيرز وطوابير وفيالق وداد الأمة بتخليدهم الذكرى الميلادية إلا تعبير صادق على قيمة ورمز ما معنى وداد الأمة المفروض أن ترقى بسمو الإحتراف الأكبر مثل البارصا والريال وعظماء الأندية العالمية.
والوداد التي نرى فيها شيخوخة حياة أي رجل، من المفروض أن تعيش لأجيال وأجيال يحيا فيها من يحيا ويموت فيها من يموت في سبيل أن تظل متعايشة مع وقائع وأزمنة المستقبل المتغيرة بالعقليات والمشاريع والتكنولوجيا الحديثة، والوداد عندما ولدت عام 1937 إلى اليوم عاشت متغيرات كبيرة من النمو إلى العصرنة بما فيها تعاقب الرجالات والشخصيات والنجوم والألقاب والملاعب والأطر والكوادر.. واليوم وغدا لا يمكن أن تظل الوداد على هذا النحو من الرفض المطلق لزمن بعثر فيه بصيص من المشاكل مع الرئيس عبد الإله أكرم، ولكن الوداد ستظل واقفة مهما إجتذبها أي تيار وستواصل الإعجاز في زمن الإحتفال التأسيسي كل سنة بطقوسها الموحدة في الحب والتلاحم ، ولا يعنيها إلا المنتصر بالألقاب ومشروع النادي الكبير، وهذا هو الجمهور الودادي الذي يرى في فريقه ذاك اللون الأحمر المجاهد والرجل المقاوم لمشروع النجاح، بل ويزداد هذا الترابط بما هو مؤسس في ثقافة عظمة جمهور النادي الملكي والكطلاني مع أن الإختلاف قائم في الإحتراف والهوية، أي بين الهوية المغربية والإسبانية في الكرة، لكنها تتعشش في قلوب المغاربة لمناصري البارصا والريال.
طبعا لا أريد هنا وضع الوداد في حكم المقارنات مع الريال والبارصا، ولكن يمكن أن نصنف جمهور ووينيرز الوداد بنفس الترجمة الروحية والمناصرة في الشكل والصورة لأفكار الريال والبارصا، فهل يرى رجالات الغد الودادي كيف يحرصون على الدعم الفكري والروحي والمادي لجمهور الوداد بكامل فصائلهم؟ وهل يستثمرون مشروع إعادة الوداد إلى ميلا التأسيس 78 سنة على أنها سنة التغيير في كل شيء ومقدمة لسنوات الإحتراف بهوية مغربية تعيدنا للزمن الجميل ومواجهة الوداد لعظماء الكرة العالمية؟