كنا وما زلنا نؤمن بضرورة المحاصرة البعدية للائحة الـمنتخب الوطني كلما انتهى أي ناخب من وضع الإختيارات الشاملة التي يراها أقدر على صناعة الحدث، صحيح أن صانع الإختيارات هو من يتحمل أشكال الطريقة والأداء وشخصية اللاعب في أي مركز مفروض أن يكون ثقيلا في القوة ومضاعفة الأداء والروح النضالية لقميص البلد. وصحيح أن أي ناخب له شخصيته وعلاقاته وخطاباته المختلفة عن الآخرين كل من طريقة عمله في التواصل وضبط الأمور. والزاكي عندما نجح قبل عشرة أعوام في الوصول بالمنتخب الوطني إلى نهائي كأس إفريقيا بتونس، كان قد هيأ الأرضية الملائمة لمشروعه البنائي برجال إختارهم إحترافيا من ما هو مصدر بتسميات العديد منهم من المغرب نحو بلدان أوروبية، ومنهم من اختارهم من المهجر كأبناء لهم ذات الغيرة والحماس المضاعف لحمل القميص الوطني. وكانت النتيجة أن نجح في علاقاته العامة بالطاقم والكوموندو وذهب يومها إلى أبعد حد حتى في إقصائيات كأس العالم لولا عجلة الحظ العاثر الذي غير مسار التأهل أمام تونس وبأرض تونس. واليوم تختلف الصورة التي يبنى عليها المنتخب المغربي الذي تتواجد به العديد من الأسماء الدولية بإيقاع الحضور الدولي والإحترافي في سائر البطولات الأوروبية والعربية وحتى الوطنية، إذ يعترف الزاكي بكينونة الكنز البشري وبخامات مبدعة مع قلة المراكز التي يراعى فيها تجديد الثقة بأسماء يفترض أن تلعب ورقة الإقلاع الكبير من صنف الحراسة كمشكلة، والأظهرة الدفاعية ورجال الوسط المقاتلين، ما يعني أن هذا السؤال الكبير وضعناه لأكثر من مرة على مستوى الخلافة الرئيسية عندما أشرف العديد من الناخبين على قيادة المنتخب من دون معالجة عوائقه التي اجتازها في هذا الصدد أو إجتازنا أكثر المنتخبات لقراءتهم الفعلية لضعف مراكز المنتخب الوطني.
واليوم أيضا سيكون على الزاكي البحث عن جوهر المشكلة الأساسية التي تعيشها الأندية الوطنية على مستوى غياب الإجتهاد في صناعة الرجال من المستوى العالي في كل المراكز أو على الأقل بعضا منها في خلافة من اعتزل أو أصيب وبخاصة في الشق الدفاعي أو الوسط المقاتل من طينة شيبو وقيسي، وهنا سيكون أمام الزاكي محنة كبرى في البحث عن هذه النوعية المقاتلة ولو كان ذلك على حساب انتداب جمال أيت بنيدر المقاتل بأوكسير في عامه الثلاثين قياسا مع صعوبة المغامرة بالوجوه المحترفة على الصعيد الوطني لقصر المدة على الحدث القاري. والأساس من هذه المنطلقات أن يجتهد الزاكي في ملء الثغرات المطروحة في سياق متوسط الدفاع أولا وبأي ثنائية الثقة بين بنعطية ولاعب آخر ظل يتناوب على هذا الدور بكثير من الأسماء، ثم خطي الأظهرة الدفاعية المفروض جمعهما على وثيرة الإختيار الأكمل لملاءمتها مع استراتيجية اللعب، ثم وسط الإرتداد الأكثر حساسية ودينامية في المؤازرة الدفاعية، علما أن الزاكي كان وما يزال يلعب برجل ارتداد واحد في المغرب ورجلين في ذات الموقع خارج الوطن، ما يعني أن الـمنتخب الوطني سيلعب بأرضه وبلاعب وسط مقاتل لا ندري ما إذا كان له خليفة في حالة الإصابة، أما البناء الهجومي ودور الأجنحة والقناصة، فلا مشكلة موجودة قياسا مع روح المنافسة الشرسة التي يتبناها العديد من الأسماء المحترفة والوطنية صناعة وتهديفا إن لم نقل أن من سيختار لهذه الأدوار سيلعب على وتر المنافسة على مقعد البناء والهدافين بكثرة، ما يعني أن الزاكي لن يجد مشكلة في هذا الجانب المتعلق بالوجوه البنائية والهدافين، ولكنه مطالب بتوحد الخطوط كليا بالرجال المقاتلين، وليس هناك محترف قادم من أجل ضمان المكانة  على أنه حاضر في التشكيلة مثلما فعل تاعرابت غير ما مرة، وأخاف من هذا اللاعب أن يعود إلى أشكاله الصبيانية حتى مع الزاكي الذي لا يرحم في مثل هذه الأمور إيمانا باللحظة التي قبل فيها هذا التحدي دون أن يكون لعرينه أية مشكلة حتى ولو كان نجومه يلعبون لكبريات الأندية العالمية.
وعرين الزاكي اليوم لا يمكن أن يحاكمه أي كان من المحللين بالسرعة اللازمة ما دام الرجل في محطة التواصل الدائم مع الكثير من الأسماء الدولية وحتى من اختارها أولا لتجسد لديه القناعة النسبية للأسماء المعول عليها مقابل المضي قدما نحو تثبيت العرين بأسمائه الشاملة للعرس المقبل، وما يهمنا أصلا هو تقويم عرين الأسود بتكامل عياراته الشائكة في الحراسة والدفاع وخط الوسط، والبقية أكيد لها كامل الثقة في أن تصل إلى المرمى من دون أن تشعر أنها مغبونة بحراسة هشة ودفاع مهلهل. وهذا هو بيت القصيد الذي لم يجد له أي ناخب منذ عشرة سنوات حل في إيجاد الخلف المقاتل.