كنت على يقين من أن الناخب حسن بنعبيشة سيقبل دور الكومبارس بالمنتخب الأول حتى وإن كان مقتنعا بأنه رافض للمساءلة جملة وتفصيلا، ولا يمكنه أيضا أن يرفض الواجب الوطني لأن هذا القبول سيؤثر لا محالة على مستقبل أيامه الدولية في المجال التقني مع  المنتخبات الصغرى، وليس عيبا أن يقبل الرجل بالمغامرة غير المحسوبة عليه لأن الجامعة غلبت على أمرها ولم تجد من يملأ هذا الثقب التقني الكبير حتى ولو كان فيربيك واضحا في رفضه لمثل هذه الأمور الدنيئة .

وإذا كان نيبت أصلا رجلا تقنيا وواحدا ممن اختاروا رجال المرحلة السابقة الفاشلة، فلماذا لم يتطوع شخصيا لإدارة مباراة المغرب والغابون ويترك بنعبيشة خارج المحرقة حتى ولو اختاره السيد غلام لسد الفراغ؟

لماذا لا يثق نيبت في نفسه ويعوض فشله الإستشاري بالجامعة بنجاح ودية الغابون ومن اختياره البشري أصلا؟ وهل يمكن أن تعتبر الجامعة وضع حسن بنعبيشة في المخاض العسير بالمحرقة التي تؤدي به إلى معاودة نفس الأخطاء الإختيارية لمنتخب يرى شخصيا أنه كبير عليه في هذه اللحظة بالذات؟

شخصيا لا يهمني من سيقود المباراة المقبلة للأسود، ولكن ما يهمني هو كيف ومن سيختار الأسطول المغربي لنزال يريده أكثر المحترفين ضرورة قصوى للتجمع واللحمة؟ طبعا سيكون الأمر عصيا على بنعبيشة لأنه سيساءل على اللائحة في قالبها المحلي والأوروبي وسيساءل عليها حتى من وضعوا أسماء بعينها في هذه المباراة الملعوبة بمفارقات قد تبدو غريبة على مجموع الدوليين المغاربة المتألقين بالبطولات الأوروبية والعربية.

من سيختار الحراس كسؤال المرحلة مع الإرتياح الكامل لإعتزال نادر لمياغري؟ من سيختار الخط الدفاعي بكامل اختصاصاته وليس بالعاطفة التي جرت علينا ذيول الخيبة؟ من سيختار الوسط الناري وبالعقل بعيدا عن المزايدات التي لا تخدم مصلحة المنتخب الوطني؟ ومن سيختار الخط الأمامي الأكثر جاهزية وحضورا وقوة؟ وهل في اختيار الوجوه الجديدة بأوروبا أجندة مضافة في سياق المباراة المقبلة؟ ومن سيحاور الوجوه العامة للمنتخب الوطني وبخاصة الوجوه المحترفة الثقيلة في الدولية لتأسيس نواة هيكلية وليس نواة منتخب محلي متهالك؟

يقولون أن بنعبيشة لن يكون له رأي في اللائحة وسيلعب بكل الأسماء التي لعبت مع الطوسي، وهناك من يقول أن اللائحة موجودة عبثا لأن المباراة أصلا لا تهم على الإطلاق المكتب الجامعي سوى في برمجتها لا أقل ولا أكثر ولا يهمها لا غابون ولا هم يحزنون.

يقولون أيضا لبنعبيشة وهذا مقروء بالواضح، إلعب المباراة ولا تهتم بأي شيء لأنك لست ولن تكون مسؤولا على مباراة أكثر من عادية، لكن هل يدري أهل الجامعة أنهم مدمنون في الإفلاس والضحك على الناس والشعب من أن المباراة أصلا ضرورية لوضع الميلاد الجديد لمنتخب جديد سيكون مؤهلا من الآن لحمل لقب يحتضنه بأرضه، وليس مباراة تافهة في اعتقادهم؟

المصيبة أن الجامعة حتى مع اقتراب زوالها لا تفكر في المستقبل على أنه بداية انقلاب على  الأخطاء والكوارث، ولا تزيدنا سوى حرقة القلب والدماغ، والمصيبة أن لا أحد من اللاعبين الدوليين ممن سيكونون بعيدين عن اللائحة سيجرؤ على التعامل مع نفس الأشخاص إن تجددت الثقة فيهم بالمكتب الجامعي المقبل، وتلك أم المصائب التي ستجر على المنتخب الوطني لاحقا أزمات جديدة في التدخل والتواصل وكثير من علامات البؤس.

سينتهي الودي الغابوني أصلا باستفهامات وأسئلة كثيرة، لا تعتبر مهمة في نظر الجامعة الميتة التي ستضع الشاهد بيد جامعة جديدة يراها عامة الجمهور المغربي ميلادا داخل مشهد طغى عليه الفساد والتطفل وانعدام المسؤولية، لكن يظل السؤال معلقا دائما، هل تستطيع الجامعة المقبلة وقف هذه المهزلة التقنية الفظيعة بإبعاد المفسدين وتنظيف المنتخب الوطني من الدخلاء والحاقدين؟ وهل تستطيع الجامعة وضع لبنات إدارة تقنية مختصة بالعقل لا بالعاطفة من أجل الإشتغال مع المنتخبات بعيدا عن تداخل الإختصاصات؟

إجابات ننتظرها في مشروع ما بعد الجمع العام القادم وإن كانت مباراة الغابون لا تهمها في منطق عملها ، ولكن تهمها تبعات إختيار الناخب الذي لا يقبل بالعاطفة على أي محترف كان محليا أو من البطولات الأوروبية إن هي اختارته بالعقل.