في مباراتي الأولمبي المغربي أمام المنتخب المصري، ساد الخطأ القاتل لدى الدوليين فيما يسمى بالفرديات الطاغية على مقاس الزمن وقتل الفرص، وكانت الضريبة أن كانت النتيجة في المباراتين معا عكسية من دون اطمئنان على المستقبل القريب من الأولمبياد لإيجاد منتخب منسجم وجماعي مطبوع بهذه الرؤيا الحازمة لشخصية الفريق الوطني على أن له ناخبا يقرأ هذه التفاصيل الدقيقة من الهدر المبالغ فيه مثلا للاعب أناني مهووس بالمراوغة الزائدة مع أن له زميلا قريبا منه في ترجمة الفرصة إلى هدف.
الأولمبي المغربي رغم أنه سجل ثلاثة أهداف في المباراة الأولى، وكان متقدما على مصر بتفوق كاد يكون أكثر، سقط أيضا في الأنانية والعقلية التي تتعامل مع الفوز المسبق من دون أن يكون لهذا الواقع فكر مصحح لهذه الخصوصيات، وكان على الأولمبي أن لا يقع في المحظور خلال المباراة الثانية التي رأى فيها المنتخب المصري نفسه محتشدا بأسلوبه الجماعي المحنط بتقارب الأفراد والخطوط والسرعة في تمرير الكرات مع قراءة خصمه المغربي من خلال محاصرة نجومه التي تتمتع بالفرديات، وطبعا نحن هنا أمام معركة حقيقية إسمها تعنث اللاعب المغربي في امتلاك الكرة أكثر من اللازم دونما الإكثرات بحضور القيمة الجماعية لطبيعة الكرة الشاملة في تسهيل الفرص الحقيقية للتسجيل، والعيب أصلا من اللاعب القادم من عرين الأندية التي لا يكوًن فيها بالنضج العالي على أنه مسخر للجماعة وليس لنفسه، كما أن القدرات الفردية لأي لاعب عادة ما تعتبر ركيزة أساسية في العقل حتى ولو قدمت له التعليمات من أجل عدم الإفراط في ذلك، صحيح أن القدرات المهارية جديرة بالحضور وقت الضرورة كما نراها في ميسي ورونالدو، ومع ذلك يلعبان بالجماعية ويساهمان في البناء والتمرير الحاسم ويسجلان أيضا بتكامل مطلق، إلا أنه عندنا لاعبون مرضى بالمراوغات ويقتلون الفرص والفرجة وصناعة الأهداف لأنهم أنانيون من الصغر ولا يتعلمون بالنصح المتكرر أو العقاب المفروض أن يكون لبنة أساسية في إبعاد اللاعب وقتا ما حتى يراجع نفسه ليعرف أن كرة القدم اليوم تلعب بأحد عشر لاعبا وليس بلاعبين أنانيين يعتبرون أنفسهم من واقع النجوم الكبار.. وبنعبيشة إذا أراد أن ينجح كشخصية صارمة عليه أن يزحف بقيمته كلاعب يعرف كيف كان يلعب مع الوداد والمنتخب الوطني، ولا بد أن يعرف قيمة الأخطاء الفردية لدى المنتخب الأولمبي رغم أنه الآن في مرحلة تحديد نواته التي ستدخل الإقصائيات على النحو الجماعي الذي نريده أصلا كجسر مطروح لصناعة النتيجة والأحداث.
حتى منتخب الكبار لا يسلم من هذه الجرة القليلة لبعض المحترفين، ولكن ليس بدرجة عالية مثلما تكثر في بلهندة وحتى شحشوح، لكن ما يهمنا أصلا من أن صراع إفريقيا حاليا يملك حقيقة المفاجآت من العيار الثقيل لمنتخبات كبيرة مثل نيجيريا التي خسرت أمام أنصارها أمام الكونغو بثلاثة أهدف ٌلإثنين وبالنواة الصلبة لنيجيريا كذلك، وأيضا مفاجأة تعثر غانا بنفس الكوموندو عندما تعادلت بميدانها أمام أوغندا بهدف لمثله، وفوق ذلك شددت الجزائر على نواتها الصلبة واستنسخت نفس الإستقرار البشري من المونديال إلى الآن على أنه منتخب جاهز وحاضر لأن يلعب وينافس على كأس إفريقيا، وقناعات هذا الجديد الذي أحدثثه الجولة الأولى من إقصائيات كأس إفريقيا قد تكون بتناقضات النتائج من ضربة البداية على أنها سقطة عابرة، وسنرى هذا الأربعاء تبعات هذا المعطى الدلالي للإستقرار الطبيعي للشاكلات الخاصة بالمنتخبات الإفريقية لكن برؤية مغايرة لصنع المفاجآت التي تعثر من أجلها غانا ونيجيريا.
وفي هذا السياق الذي يجرنا إلى عدم اكتمال صفوف المنتخب الوطني، لا يمكن أن نجزم حقيقة الإستقرار الشامل في أقل من أربعة أشهر لمنتخب وطني أريد له أن يتأثر بالغيابات المؤثرة في مواقع أكثر حساسية في لقاءي قطر وليبيا، وكلنا لا يقرأ المصير والقدر حتى ولو كان الفريق الوطني قريبا من الجزائر في صناعة فريق وطني من المحترفين بالمهجر مع أن الجزائر حافظت على نفس وجوه المونديال مقارنة مع المنتخب المغربي الذي ما زال يبحث عن تكامله البشري الشامل بحسب المواقع الأكثر حرجا وقراءة من طرف الخصوم.
في كل الأحوال، نحن أمام معضلة يراها الزاكي ملموسة بإلحاح صادق من الجمهور المغربي، ذلك أن الفريق الوطني لا يرى اليوم نفسه جاهزا بنسبة كبيرة للحدث القاري، لكن بمقدوري أن أقرأ الروح الوطنية في جميع اللاعبين على أنهم سيلعبون برجل واحدة في سبيل عزة الوطن وحمل القميص الوطني.