سألني أحد الفضوليين عن الفوارق بين القامة والبنية والمهارة مع أن النجم ليس متكاملا بهذه الأضلاع ككل، وقلت له كسؤال إضافي أين هي اللياقة البدنية والنفس التكتيكي الذي يتلاءم مع طبيعة هذه الخصوصيات؟ 
قلت له أن ميسي مثلا لا يملك هذه الأشياء كنجم عالمي، ولكنه فنان في كل شيء ويحدث الفارق الكبير حتى مع من يملكون الصلابة والبنية والخشونة، وهناك أيضا رونالدو الذي يملك كل الخاصيات المذكورة ويزحف بملكاته الإبداعية على كل الدفاعات، لكن ليس كل من يملك القامة والبنية هو فنان لأن العمليتين لا ترتبطان بالصلابة والقوة، بل  بالذكاء والحس المهاري والتكوين الخاص باستراتيجيات اللعب، ومن اعتمد على القامة والبنية هو إنسان موضوع في خانة رجال الأمن الخاص وليس في كرة القدم، وحتى القامة والبنية الجسمانية والمهارة لا تكفي إذا لم تستثمر هذه الأشياء على نحو علمي ورياضي بالشروط الممكن طرحها في قالب تكتيكي يتلاءم مع طبية الأداء الراقي في أسلوبه الجماعي وليس الفردي لأنه يقتل اللعب.. ومن يتحدث عن قيمة البنية والقامة في كرة القدم هو مؤطر ناقص ويعتمد فقط على القوة التي يرمي إلها هذا النوع من الرأي إلى الملاكمة، ومع ذلك فحتى الملاكمة التي تبنى على هذا الأساس لها مقومات ذاتية في اللياقة البدنية والدروس التكتيكية وقراءة الخصم أيضا لتقييم أخطائه ونقاط قوته.
وفي كرة القدم المغربية، شئنا أم أبينا لا نملك هذه المترابطات المتكاملة لأن أصل المهارة مفقود ولم يعد قائما داخل الأندية مع أن الموهبة موجودة ولا يمكن أن تنمحي على الإطلاق، ومن يتحدث عن المنتخبات الوطنية ككل سيرى أن أصل الأشياء يفتقد لكثير من المقومات التي لا توجد في اللاعب الناشئ على مستوى نحالة الجسم وسوء التغذية رغم أنه فنان ولكنه يفتقد للياقة البدنية والصلابة والجهد البدني، وحتى لو اخترت لاعبا ذو قامة عالية ومهارة فريدة، فلا يملك أصلا الصلابة للدفاع عن ملكاته أو القدرة البدنية لإكمال مباراة ما.
والبطولة الوطنية كما تحدتث عنها في أكثر من عمود لا تملك هذه المواصفات المتكاملة كما كان في الزمن الجميل عندما كان مثلا الأسطورة عبد المجيد الظلمي فنانا في كل شيء رغم قصر قامته ولكنه كان أسدا في البطولة ويقاوم مع الرجاء أرجل الأدغال الإفريقية، ويقدم لمنتخب المغرب ما لا يقدمه اليوم اللاعبون العاديون ومن المستوى المتوسط، لأنه بكل أسف أصبحت الموارد البشرية بالأندية الوطنية عادية ولا تصعد عبر الفئات بالمكونات العلمية الخالصة في اختيار أسس القامة والبنية والمهارة والأسلوب البدني والتكتيكي والذهني والنفسي الملائم لصناعة مشروع لاعب من المستوى العالي، والحقيقة أن أوروبا التي كانت ترتاد المغرب لإختيار نجوم الأندية غيرت نظرتها إلى الأشياء من مؤدى أن الهشاشة التقنية والإكتشافية هي التي وضعت الكرة المغربية على هذا النحو الغريب من غياب الرؤيا لصناعة الحراس واللاعبين بجودة عالية.
وعندما يتحدث عن واقع تراجع الكرة المغربية بمعزل عن الثروة الحقيقية التي تملكها الأندية في تنوع حضورها الجماهيري الكبير والسيولة المالية فلأن المسير هو من غير هذا النمط من الصناعة إلى «البيزنيس» وتعلق بالصفقات أكثر من الجودة، وجعل من اللاعب العادي وبنواقصه نجم البطولة والأكثر رواجا في سوق الإنتقالات، وفي ذلك يتحمل مؤطرو الأندية وحتى مدربوها المسؤولية الكاملة لتغييب صناعة اللاعب المغربي على أنه يماثل المحترف المغربي في البلدان الأوروبية وليس هناك مقارنات بين الطرفين إلا في التكوين الأكاديمي منذ الصغر، فكيف إذن نلوم المنتخب الوطني الأول أو المنتخبات بكاملها على أنها هشة، بينما واقع الحال يجب أن نلوم الأندية ورؤسائها ومؤطريها وحتى الجامعة التي لا تملك إرادة صناعة إدارة تقنية تتبنى سياسة التكوين القاعدي.
نهاية، القامة أمر ضروري يلاءم بالبنية كضرورة ثانية، لكن المهارة أقواهما في جمع هاتين الخصوصيتين، لكن يبقى الملح الخارق للتكامل الجامع هو التكوين التكتيكي واللياقة البدنية التي هي روح العمل ككل . ومع الأسف لا نملك هذه الخاصيات على الإطلاق بالأندية.